يلعب الإعلام، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، دورًا خطيرًا في تأجيج الصراعات في الجنوب السوري. تساهم في ذلك أطراف مختلفة، منها المتحمسون الذين يعتقدون أن التحريض يخدم قضيتهم، أو أطراف ثالثة تحركها دوافع سياسية وأيديولوجية.
يقوم هؤلاء الأفراد والجماعات بالتحريض على العنف، ونشر معلومات استفزازية، ودفع الجمهور إلى الانخراط العاطفي فيما يحدث، وتضخيم الخلافات، وزعزعة وحدة المجتمع وتقويض القواسم المشتركة.
ما يحدث في محافظة السويداء، جنوبي سوريا، مثال واضح على تأثير الإعلام ووسائل التواصل في تغذية النزاعات. فبعيدًا عن الخطاب الرسمي الذي يسعى إلى تحقيق التوازن، تنشر وسائل التواصل معلومات مضللة، مما يعكس ضعف الثقة الذي غذته سنوات الحرب، وظهور قوى محلية، أو شعور جماعات بأن الدولة لا تخدم مصالحها. وقد أشرت إلى ضرورة معالجة هذه المشكلة في مقالات سابقة.
يشير مقال بحثي نشرته مجلة “International Review of the Red Cross” التابعة للصليب الأحمر الدولي، استنادًا إلى مصادر مفتوحة، إلى أن انتشار المعلومات الضارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي يزيد من المخاطر على المدنيين والأسرى والمجتمع ككل. يصنف بيلي أولبريشت، المدير التنفيذي لبرنامج ستانفورد الإنساني، الأضرار الناتجة عن إعلام وسائل التواصل إلى خمسة أقسام: الأضرار التي تلحق بالحياة والرفاهية الجسدية، والأضرار التي تلحق بالرفاهية الاقتصادية أو المالية، والأضرار التي تلحق بالرفاهية النفسية، والأضرار التي تلحق بالإدماج الاجتماعي أو الرفاهية الثقافية، والأضرار التي تصيب المجتمع بأكمله.
يمكن للإعلام أن يلعب دورًا إيجابيًا في مواجهة الكراهية والعنف من خلال نشر المعلومات الدقيقة، وتعزيز الحوار والتفاهم، ودعم جهود السلام والمصالحة. ولتحقيق ذلك، يجب على الصحفيين ووسائل الإعلام التركيز على تعزيز الحوار والتفاهم بين الأطراف المختلفة، ودعم جهود السلام والمصالحة، وتحفيز التفكير النقدي، ونشر المعلومات الدقيقة.
من أهم الجوانب السلبية التي يساهم فيها الإعلام: نشر الأكاذيب والتحريض على العنف، وتضخيم الخلافات وتقسيم المجتمع، والتأثير على الرأي العام بطرق سلبية، والتغطية غير المتوازنة للأحداث.
هل أدت الأحداث في السويداء إلى انقسام كبير بسبب الإعلام المضلل؟ وهل هناك فرصة لتدارك الأمر؟ أطرح هذه الأسئلة بهدف تحفيز النقاش والبحث من قبل المؤسسات والصحفيين المهتمين. وللحديث بقية.