أعلنت الرئاسة السورية عن عزمها إرسال قوة متخصصة إلى محافظة السويداء جنوبي سوريا، بهدف إنهاء الاشتباكات وتسوية النزاعات ميدانيًا. يأتي هذا التحرك في أعقاب التوترات الأمنية التي شهدتها المنطقة بين فصائل محلية تنتمي إلى الطائفة الدرزية ومسلحين من عشائر البدو.
أصدرت رئاسة الجمهورية السورية بيانًا مساء الجمعة 18 من تموز، أكدت فيه إرسال قوات لفض الاشتباكات وحل النزاع، بالتزامن مع اتخاذ إجراءات سياسية وأمنية تهدف إلى "تثبيت الاستقرار وضمان عودة الهدوء إلى المحافظة في أسرع وقت".
ودعا البيان جميع الأطراف إلى التحلي بضبط النفس وتغليب "صوت العقل"، مشددًا على أن الرئاسة تبذل "جهودًا حثيثة" لوقف الاقتتال والحد من الانتهاكات. كما ناشدت الرئاسة السوريين ممن وصفتهم بـ "أهل الحكمة والمسؤولية" التكاتف لتجاوز هذه المحنة، ونبذ دعوات التصعيد، والعمل معًا لحماية النسيج الاجتماعي.
أكدت الرئاسة أن موقفها ينطلق من الحرص على السلم الأهلي، وليس من منطق الانتقام، مشددة على أنها لا تقابل الفوضى بالفوضى، بل تحمي القانون بالقانون، وترد على التعدي بالعدالة، لا بالثأر.
يأتي بيان الرئاسة بعد ساعات من أحداث دامية شهدتها السويداء، تضمنت اشتباكات وانتهاكات متبادلة بين فصائل محلية موالية لرئيس الطائفة الدرزية، حكمت الهجري، ومقاتلين من عشائر البدو الموجودة في السويداء. وقد أعقب هذه التوترات تحشيد لعشائر سورية، استجابة لنداءات أطلقها عشائر البدو في السويداء بسبب اختطاف فصائل محلية لمدنيين من البدو، في المقابل أسفر هجوم مسلحي العشائر عن حرق وتدمير البيوت، كرد فعل انتقامي.
وبحسب مراسل عنب بلدي، وصلت أرتال كبيرة من مقاتلي العشائر من شمال شرقي وغربي سوريا إلى محيط مدينة السويداء للمشاركة في القتال، فيما لا تزال بعض الأرتال بالقرب من العاصمة دمشق.
وأعربت الرئاسة عن "قلقها البالغ وأسفها العميق" لما يجري من أحداث دامية في الجنوب السوري، والتي وصفتها بأنها نتيجة لتمدد مجموعات مسلحة "خارجة عن القانون"، اتخذت من السلاح وسيلة لـ "فرض الأمر الواقع" وعرضت حياة المدنيين للخطر المباشر. كما أدانت الهجوم على العوائل الآمنة، وترويع الأطفال والتعدي على كرامات الناس في بيوتهم.
وأشار مراسل عنب بلدي إلى أن جهاز الأمن الداخلي بدأ بحشد قواته في مدينة درعا المحاذية للسويداء، منذ صباح اليوم، إلا أن وجهة الحشود الأمنية غير معروفة.
بدأت التوترات بين الجانبين عقب عملية خطف متبادل بين عشائر البدو وفصائل محلية في السويداء، تطورت فيما بعد إلى اشتباكات، استدعت دخول عناصر من وزارتي الداخلية والدفاع، إلا أن الأخيرتين تلقتا هجومًا مضادًا من الفصائل المحلية، بالرغم من اتفاقية مع الوجهاء، بعد ورود أنباء عن انتهاكات ارتكبتها العناصر الحكومية. وتلقى عناصر وزارتي الدفاع والداخلية ضربات إسرائيلية استهدفتهم داخل السويداء وفي مناطق أخرى، ما استدعاهم إلى الانسحاب منها وتسليم الملف الأمني إلى الفصائل. وتعتبر الضربات الإسرائيلية بمثابة تحذير للحكومة السورية بعدم الاقتراب من محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية.
وافقت إسرائيل على دخول "محدود" للقوات الحكومية إلى محافظات السويداء، جنوبي سوريا خلال الـ 48 ساعة المقبلة، بعد الأحداث التي شهدتها المنطقة بين فصائل محلية تنتمي للطائفة الدرزية ومقاتلين من أبناء العشائر.
ونقلت وكالة "رويترز"، الجمعة 18 من تموز، عن مسؤول إسرائيلي لم تسمّه أن إسرائيل وافقت على دخول القوات الحكومية إلى السويداء، خلال اليومين المقبلين. وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن إسرائيل وافقت على دخول محدود لجهاز الأمن الداخلي، في ضوء ما أسماه "عدم الاستقرار المستمر" وبعد أيام من "إراقة الدماء".