في محاولة لإعادة تسليط الضوء على اللحظات الأولى التي مهّدت لانفجار الثورة السورية، اختار المخرج محمد المسالمة أن يروي القصة من قلب درعا، المدينة التي شكّلت شرارة التغيير. بفيلم وثائقي يحمل عنوان "الشرارة"، يعيد المسالمة فتح أرشيف الذاكرة السورية عبر مشاهد وشهادات حصرية، موثقًا أحداثًا سبقت 18 آذار 2011، وفي مقدمتها اعتقال الأطفال وإسقاط أول تمثال للأسد.
في حديث خاص، يكشف المسالمة كواليس العمل وتحدياته، ويصف عرضه الأول في درعا بأنه "حلم تأخر سنوات حتى صار حقيقة". كشف المخرج السوري محمد المسالمة، في حديث خاص لمنصة إخبارية، عن تفاصيل فيلمه الوثائقي الجديد الذي يحمل عنوان "الشرارة"، والذي يسلّط الضوء على أبرز الأحداث التي مهّدت لانطلاق الثورة السورية في 18 آذار 2011.
وأوضح المسالمة أن الفيلم يوثق فترة بالغة الحساسية من تاريخ سوريا، من بينها حادثة اعتقال الأطفال في درعا، وسقوط أول تمثال للأسد بتاريخ 14 شباط 2011، إضافة إلى محاولات التظاهر التي جرى قمعها بعنف قبل الانفجار الكبير للثورة.
وأشار إلى أن الفيلم هو ثمرة سنوات من العمل التوثيقي الذي شارك فيه نشطاء وإعلاميون من درعا، عملوا على جمع الأرشيف وحفظه، مؤكداً أن "الشرارة" يعتمد على محتوى حصري يُعرض لأول مرة بنسبة كبيرة من مشاهده.
وعن تحديات العمل، قال المسالمة: "الفيلم عابر للحدود، فأنا أعيش في ألمانيا، وأصدقائي المصورون موزّعون بين الأردن وقطر، وفريق صغير يعمل من داخل درعا"، مشيراً إلى أن هذا التوزع الجغرافي شكّل واحدة من أبرز الصعوبات خلال مراحل الإنتاج، إذ جرى تصوير المقابلات في ثلاث دول: ألمانيا، الأردن، وسوريا.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها منذ سنوات، شهدت درعا العرض الأول للنسخة القصيرة من الفيلم، ومدتها 30 دقيقة، ويقول المسالمة: "هذا أول عرض لفيلم وثائقي في درعا منذ سقوط النظام، ولن يكون الأخير".
ونوّه إلى أن العمل جارٍ على النسخة الطويلة من الفيلم، والتي سيتم عرضها لاحقاً في دمشق والجامعات السورية، وحتى في المدارس بعد حذف المشاهد الحساسة، معتبراً أن الفيلم "وثيقة تاريخية توثق مرحلة مفصلية في تاريخ البلاد".
وعن مشاعره تجاه عرض الفيلم في مدينته، قال المسالمة: "كان عرض الفيلم في درعا بمثابة حلم تحقق.. شعور مختلط بين الفرح والحزن؛ سعيد لأن أهلي وأصدقائي شاهدوا العمل، وحزين لعدم قدرتي على الحضور بسبب المسافات".
وأضاف: "الوقوف على المسرح في سوريا هو حلم آخر أسعى لتحقيقه، كما وقفت سابقاً على المسرح في الأردن بعد عرض فيلمي (الانتظار)، أطمح أن أقف على المسرح في درعا ودمشق وكل سوريا".
واختتم المسالمة حديثه بالتأكيد على أن الهدف الأسمى من الفيلم هو تسليط الضوء على مجريات ما قبل 18 آذار وتوضيح أسباب اعتبار هذا التاريخ نقطة الانطلاق الفعلية للثورة السورية، مشدداً على أهمية توثيق التاريخ وصيانة السردية الوطنية.