السبت, 27 سبتمبر 2025 02:30 AM

الصين تعزز ترسانتها النووية: تحول في ميزان القوى العالمي وتحديات جديدة

الصين تعزز ترسانتها النووية: تحول في ميزان القوى العالمي وتحديات جديدة

لا تزال وسائل الإعلام الغربية تركز على الاستعراض العسكري الضخم الذي أقامته الصين في بداية شهر أيلول الجاري، بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون، مما يثير مخاوف مستمرة لدى الأوساط السياسية الغربية. ووفقًا لصحيفة «إنترناشيونال إنترست» الأميركية، فإن التحديث النووي الذي تقوم به الصين يشير إلى ضرورة إعادة تقييم الاستراتيجية العالمية وإيجاد توازن جديد.

ذكرت الصحيفة في مقال نشرته يوم الجمعة أن الصين فاجأت العالم في عام 1964 بتجربة ناجحة لقنبلة ذرية في «لوب نور». هذه التجربة، التي أدخلت الصين إلى النادي النووي، منحت حكومة ماو تسي تونغ حماية من التهديدات الأمريكية والسوفييتية المحتملة. ومنذ ذلك الحين، توسع برنامج الأسلحة النووية الصيني بشكل مطرد، ليتحول من رادع رمزي إلى قوة قادرة على ضمان القدرة على الرد.

خلال سنوات الحرب الباردة، حافظت الصين على «حد أدنى من الردع» وتجنبت السعي وراء المخزون النووي أو أنظمة الإطلاق المتطورة التي بنتها الولايات المتحدة وروسيا. وبدلاً من ذلك، نشرت الصين ترسانة صغيرة، ربما بضع مئات من الرؤوس الحربية، مع تبني مبدأ «عدم البدء بالاستخدام». كان الهدف الاستراتيجي واضحاً: ضمان قدرة الصين على امتصاص هجوم نووي والرد، وبالتالي ردع الخصوم عن شن ضربة أولى، مع الحفاظ على النفوذ السياسي الذي تمنحه القدرات النووية للصين.

ومع ذلك، تغيرت العقيدة، حيث تشير صور الأقمار الصناعية والاستخبارات الأمريكية إلى أن الصين تبني صوامع صواريخ جديدة في صحاريها الغربية، مما يزيد من عدد الرؤوس الحربية وقدرتها على البقاء. ويعتقد البنتاغون أن الصين تمتلك أكثر من 600 رأس حربي نووي، وهو توسع كبير في مخزونها.

وأوضحت الصحيفة أن التحسين لم يقتصر على كمية الرؤوس الحربية فحسب، بل شمل أيضًا جودة أنظمة الإطلاق. فالصواريخ الباليستية العابرة للقارات المتطورة التي تعمل بالوقود الصلب، والصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات، والمركبات الانزلاقية الأسرع من الصوت، تُظهر أن التقدم التكنولوجي الصيني يتجاوز القوات الجوية والبحرية. علاوة على ذلك، أصبحت الرؤوس الحربية الصينية قادرة على حمل رؤوس حربية متعددة، وتم تحسين أنظمة القيادة والتحكم، مما يزيد من قدرة الهيكل النووي بأكمله بشكل ملحوظ.

وتتابع «انترناشيونال انترست» أن التحول في الاستراتيجية النووية الصينية يعود إلى عدة أسباب: أولاً، الخوف من أن تلغي الدفاعات الصاروخية الأمريكية قدرة الصين على شن ضربات انتقامية. إن توسيع عدد وتنوع أنظمة إيصال الأسلحة النووية يساعد الصين على ضمان قدرتها على اختراق الأنظمة الدفاعية لأي دولة. ثانياً، تتطور الصين لتصبح قوة عالمية، لها مصالح في حماية طرق التجارة العالمية، وبسط نفوذها في الخارج، والتنافس مع الولايات المتحدة. وبناءً على ذلك، من المرجح أن ترى حكومة شي جين بينغ أن القوة النووية القوية شرط أساسي لتحقيق تكافؤ القوى العظمى مع الولايات المتحدة. وأخيراً، تُعرب الصين عن قلقها العميق إزاء الهند، الخصم المجاور الذي يمتلك أسلحته النووية الخاصة، مما يثير احتمال نشوب صراع نووي على جبهتين، وتريد الصين المزيد من الخيارات.

إن نتيجة الصعود النووي للصين هي زعزعة استقرار القطبية النووية في الحرب الباردة. فبينما كان التنافس النووي ثنائي القطب مستقراً نسبياً، فإن التنافس النووي الثلاثي الذي فرضته الصين يمثل مجالاً مجهولاً. وتصبح نظرية الردع أقل موثوقية عندما تضطر 3 دول إلى حساب مخاطر التصعيد، ليس مع دولة نووية واحدة، بل مع دولتين نوويتين.

وتختتم الصحيفة الأميركية بأن الترسانة النووية المتنامية للصين تزيد من التقلبات في آسيا تحديداً. وتخضع كل من اليابان وكوريا الجنوبية للمظلة النووية الأمريكية، لكن يتعين عليهما الآن تعديل سياساتهما الدفاعية بشكل مختلف مع تزايد ثقة الصين وقدراتها النووية. لكن تداعيات ذلك تمتد بالطبع إلى ما هو أبعد من آسيا، ويشير التحديث النووي للصين إلى إعادة تقييم للاستراتيجية العالمية، والتي يجب أن تشكل في إطارها توازناً جديداً.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: