الأربعاء, 10 سبتمبر 2025 09:27 PM

الليرة السورية في دوامة الانهيار: هل تحولت إلى مجرد سلعة؟

الليرة السورية في دوامة الانهيار: هل تحولت إلى مجرد سلعة؟

شبكة وموقع أخبار سوريا والعالم – خاص | مع بداية كل شهر، يواجه السوريون واقعًا مريرًا يتمثل في انخفاض قيمة عملتهم الوطنية أمام العملات الأجنبية، وعلى رأسها الدولار الأمريكي. فقدت الليرة السورية نحو 10% من قيمتها للشهر الثاني على التوالي، وهو سيناريو اقتصادي توقعه الخبراء والاقتصاديون منذ إقرار الحكومة السورية زيادة الرواتب بنسبة 200% للعاملين في الدولة.

يؤكد خبراء الاقتصاد أن هذا السيناريو قابل للتكرار في بداية كل شهر، ما لم يتم إجراء تحول حقيقي وجدي في بنية الاقتصاد السوري، من خلال إصلاحات هيكلية تحد من مخاطر التضخم وتفتح المجال أمام انطلاق الإنتاج الفعلي في القطاعات الصناعية والزراعية.

وفي هذا السياق، صرح الاقتصادي محمد سرميني لشبكة "أخبار سوريا والعالم" قائلاً: "مع الأسف، تحولت عملتنا الوطنية إلى مجرد سلعة، يرتفع سعرها عندما يقل عرضها في السوق، والعكس صحيح". وأشار إلى أن تدهور قيمة الليرة السورية في بداية كل شهر، بالتزامن مع صرف رواتب الموظفين والعاملين في الدولة، أمر طبيعي ومتوقع، خاصة وأن استقرار سعر الصرف خلال الأشهر الأربعة الماضية لم يكن حقيقيًا، بل نتيجة لنقص السيولة في الأسواق السورية.

ويضيف سرميني أن زيادة الرواتب الأخيرة، التي رفعت معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة، ضاعفت حجم المبالغ التي تضخها الدولة في بداية كل شهر بالليرة السورية، ما أدى إلى تراجع فعالية الإجراءات الحكومية النقدية والمالية، وعلى رأسها سياسة حبس السيولة في البنوك، حيث لا يزال سقف السحب الأسبوعي من المصارف محددًا بـ 200 ألف ليرة سورية فقط. وقد ظهرت آثار ذلك بوضوح في تراجع قيمة الليرة أمام الدولار.

وبحسب تصريحات رسمية ومصادر اقتصادية سورية، فإن الكتلة المالية التي يتم ضخها في الأسواق بعد قرار زيادة الرواتب تُقدّر بحوالي 1.65 تريليون ليرة سورية.

إن استمرار تراجع الليرة وفشل الحكومة في كبح هذا الانحدار دفع الخبراء والاقتصاديين إلى التشديد مجددًا على ضرورة تسمية الأمور بمسمياتها دون مواربة، والابتعاد عن المصطلحات الرنانة، داعين إلى الإسراع في اتخاذ حزمة إجراءات اقتصادية توقف هذا التدهور، خاصة بعد أن ثبت فشل سياسة حبس السيولة في تحقيق ذلك.

وفي هذا السياق، كتبت الدكتورة لمياء عاصي، الوزيرة السابقة في الحكومة السورية، على صفحتها في فيسبوك: "من البداهة القول بأن العمليات النقدية هي التعبير عن النشاط الاقتصادي، ومن المستغرب التفاخر بضبط العمليات النقدية واستقرار سعر الصرف"، متسائلة: "ما قيمة استقرار سعر الصرف في ظل استمرار تقييد السيولة، ولم يكن مدفوعًا بالتبادل الاقتصادي الحقيقي؟"

يضع الواقع الاقتصادي الحالي السلطات الاقتصادية والمالية والنقدية في سوريا أمام مسؤوليات وتحديات جسيمة، تهدف إلى وقف انهيار الليرة السورية أمام الدولار، والحفاظ على الوضع المعيشي المتردي أصلًا، خاصة بعد أن ارتفعت أسعار معظم المواد الغذائية والاستهلاكية بنسب وصلت إلى 30% خلال الأسبوع الجاري، الذي يستعد فيه السوريون لتأمين مستلزمات المدارس من قرطاسية وملابس وأحذية لأبنائهم، قبيل بدء العام الدراسي في 21 من الشهر الجاري.

وفي المحصلة، تتفق الآراء على أن استمرار فرض العقوبات الدولية على سوريا، ولا سيما بعد رفض الكونغرس الأمريكي إلغاء قانون قيصر، سيزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي، ما يفرض على الحكومة السورية ضرورة اتخاذ سياسات وإجراءات اقتصادية عاجلة، تضمن زيادة الإنتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، باعتباره المدخل الحقيقي والأساسي لإنعاش الاقتصاد الوطني وتجاوز آثار العقوبات الدولية.

مشاركة المقال: