تحوّل المعرض والمؤتمر الدولي لصحة الفم والأسنان، الذي اختتم فعالياته أمس، إلى منصة تفاعلية جمعت أحدث التطورات العلمية في طب الأسنان مع الطموح السوري للارتقاء بخدمات صحة الفم.
المؤتمر، الذي أقيم في مدينة المعارض بدمشق تحت شعار "من جذور الألم إلى تيجان الحرية.. سوريا تبتسم من جديد"، نظمته وزارة الصحة بالتعاون مع نقابة أطباء الأسنان في سوريا، وبإشراف شركة مسارات للمعارض والمؤتمرات الطبية.
شكل هذا الحدث العلمي والطبي البارز في دورته الخامسة منصة تفاعلية متكاملة، حيث جمع بين آخر التطورات العلمية في طب الأسنان والواقع المهني السوري الطموح للارتقاء بخدمات صحة الفم في مرحلة ما بعد الحرب، وشهد حضوراً لافتاً من أكثر من 300 مشارك و65 شركة محلية ودولية.
ناقش المؤتمر على مدار ثلاثة أيام أحدث المستجدات في علوم طب الفم والأسنان، مع التركيز على مواضيع دقيقة شملت الترشيح المرضي وتقنيات التشخيص المبكر، والإصابات الوجهية الفكية والجراحات الترميمية الدقيقة، والزرع العظمي وتقنيات الترميم الحديثة، والتحديات في علاج الإصابات الحربية في ظل الإمكانات المحدودة، وضوابط ومعايير تجميل الأسنان الحديثة.
وقد تم إعداد برنامج علمي موسّع ضم أكثر من 100 محاضرة وورشة عمل، قدمها نخبة من 50 محاضراً من سوريا ودول عربية شقيقة، من بينها تركيا، الأردن، السعودية، ومصر، حيث تناولت الجلسات تقنيات الليزر في طب الأسنان، وطب أسنان الأطفال، والتطورات الرقمية في التصوير والمعاينة، وأحدث مواد الحشو والتجميل.
ترافق المؤتمر مع معرض متخصص شاركت فيه كبرى الشركات المنتجة والموردة للتجهيزات الطبية السنية والأدوات التجميلية ومواد الحشو، ومثل المعرض أكثر من 700 علامة تجارية ووكالة عالمية، ما جعله الأوسع في تاريخه.
أتاح المعرض فرصاً مهمة للتفاعل بين المصنعين والممارسين، وساهم في تعريف الأطباء السوريين على أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا العالمية في مجال الليزر، والتصوير الرقمي، والتجهيزات السنية.
شهد افتتاح المؤتمر حدثاً مميزاً بإطلاق الهوية البصرية الجديدة لنقابة أطباء الأسنان في سوريا، والتي صُممت لتعكس رؤية عصرية تجمع بين التميز العلمي، والانتماء الوطني، والعمل الثقافي، والدقة الفنية، وتهدف هذه الهوية إلى بناء صورة مؤسساتية قوية تُعزز ثقة الجمهور وتُعبّر عن التزام النقابة تجاه أعضائها وتجاه مسيرة التطوير العلمي المستدامة.
وزير الصحة الدكتور مصعب العلي أكّد أن انعقاد هذا المؤتمر بهذا الحجم والزخم يحمل رسالة واضحة: "إن سوريا مصمّمة على النهوض، وعلى إعادة بناء الإنسان كما الحجر"، مشدداً على تكامل المعرفة والممارسة مع إعادة الإعمار الوطني، وأن صحة الفم جزء لا يتجزأ من صحة الوطن. وأضاف الوزير أن وجود هذا العدد الكبير من الشركات والأطباء والخبراء دليل على الالتزام المهني والعلمي، وأن المعرض يوفر فرصة قيّمة للأطباء للتعرّف على أحدث العلاجات والتقنيات، وأن الوزارة ملتزمة بدعم كل ما من شأنه النهوض بالقطاع الصحي.
أما نقيب أطباء الأسنان الدكتور بشير السماعيل، فأشار إلى الأهمية الاستراتيجية لهذا المؤتمر باعتباره نقطة التقاء بين العلم والممارسة، وبين الخبرات السورية والخارجية، مشيراً إلى أن البرنامج العلمي هذا العام جاء شاملاً وعصرياً ليغطي جميع التخصصات الدقيقة في طب الأسنان.
منظم المعرض المدير العام لشركة مسارات أنس ظبيان قال إن DentalHealth 2025 ليس مجرد مؤتمر، بل رؤية وطنية، وأوضح أن المؤتمر يمثل أكثر من فعالية طبية، فهو تعبير عن إصرار السوريين على الحياة والعلم، وعن قدرة قطاع المعارض والمؤتمرات على النهوض مجدداً بدعم من الكوادر الوطنية والشركات العالمية، وأضاف: "لقد جهّزنا ورشات عمل ودورات تدريبية مجانية مفتوحة لجميع الأطباء بهدف تعميم المعرفة وتكريس العدالة في الفرص التدريبية." وأشار ظبيان إلى أن شعار "سوريا تبتسم من جديد" يعكس روح المؤتمر في جوهره، إذ يجمع بين أمل التعافي الوطني وجماليات الابتسامة السليمة.
وأكّد المدير العام لشركة نشاوي لتجهيزات طب الاسنان، أن مشاركة “نشاوي” في هذا الحدث تأتي انطلاقاً من إيمانها بدور الشركات الوطنية في دعم القطاع الصحي السني في سوريا، وقال: “نحن لا نقدّم منتجات فقط، بل نقدّم حلولاً متكاملة ومرافقة تقنية مستمرة. وجودنا في DentalHealth 2025 يعكس التزامنا بتحديث عيادات الأطباء السوريين وفق أحدث المعايير الأوروبية والأمريكية.”
وأكدت إدارة شركة زهرة دينت أن مشاركتها في DentalHealth 2025 تأتي في إطار التزامها المستمر بدعم القطاع السني السوري، ونقل الخبرات والتجهيزات الحديثة التي تسهّل عمل الطبيب وتُحسن من تجربة المريض. وأضافوا أن شركة زهرة دينت تسعى إلى خلق تواصل مستدام مع الكوادر الطبية السورية، ولهذا تشارك أيضاً في ورشات المؤتمر العلمية عبر تقديم محتوى تعليمي تقني حول كيفية اختيار الأجهزة المثالية للعيادات، ومقارنة بين الأنظمة الرقمية الحديثة وتقنيات التصوير التقليدي.
وفي تصريح لمندوبة المعرض، أكد المدير الفني لشركة إبداع: “ما نقدّمه في DentalHealth 2025 هو خلاصة تجربتنا في تصميم العيادات السنية في سوريا وخارجها. نحن نؤمن أن العيادة الناجحة تبدأ من هندسة مدروسة، تحترم متطلبات الطبيب وتمنح المريض شعوراً بالراحة والاطمئنان.”
يستمر المعرض والمؤتمر حتى 27 تموز الجاري، مع توفير خدمات مواصلات مجانية من جانب المتحف الوطني وأمام فندق الشام، ما يسهّل الوصول إلى مكان الفعالية.
بهذا الحدث، تؤكد سوريا أن الطب والعلم هما جناحا النهوض الحقيقي، وأن الابتسامة الوطنية تبدأ من فمٍ سليم، وعقلٍ مستنير، ومؤسسة صحية علمية قادرة على مواجهة التحديات، وصناعة المستقبل.