يسرت "المنظمة الدولية للهجرة" عودة 152 سوريًا من ليبيا إلى دمشق في "رحلة طوعية"، وهي أول رحلة إنسانية طوعية تنظمها المنظمة إلى سوريا منذ بداية عام 2025. انطلقت الرحلة من طرابلس مساء الأربعاء 8 تشرين الأول بناءً على طلب من وزارة الخارجية السورية والمغتربين، واستهدفت دعم العائلات المقيمة في ليبيا منذ أكثر من عقد.
أكد عثمان بلبيسي، مدير مكتب المنظمة الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن المنظمة تعمل على توسيع عملياتها وخدماتها في سوريا بهدف دعم انتعاش البلاد بعد سنوات الصراع، وضمان عودة السوريين بشكل كريم ومستدام، سواء كانوا نازحين داخليًا أو عائدين من الخارج. وقدمت المنظمة في طرابلس مساعدات تحضيرية قبل الرحلة، وعند الوصول إلى دمشق، تلقى العائدون الدعم ووسائل النقل للوصول إلى وجهاتهم النهائية، خاصة في حلب وحماة وحمص. كما ستقدم المنظمة مساعدات فردية "لإعادة الإدماج" في الأشهر المقبلة لمساعدة هذه العائلات على إعادة بناء حياتها.
تمت هذه العملية بدعم من برنامج حماية المهاجرين والعودة وإعادة الإدماج في شمال أفريقيا (MPRR-NA) الممول من الاتحاد الأوروبي. وأشارت إليونورا سيرفينو، القائمة بأعمال رئيس بعثة المنظمة في سوريا، إلى أن هذه الرحلة تساهم في الاستقرار والتنمية في المنطقة، وتتيح للأشخاص الأكثر هشاشة العودة إلى وطنهم وبناء مستقبلهم.
تعمل المنظمة حاليًا على تكثيف جهودها في سوريا لتعزيز إعادة الإدماج المستدام من خلال نهج متعدد القطاعات وقائم على المناطق. وبدعم من الوكالة السويدية للتعاون الدولي للتنمية (Sida)، تخطط المنظمة لإطلاق مشروع مدته عامان في مناطق العودة بمحافظة حلب، لتوفير المأوى عبر إعادة التأهيل والمساعدات الإيجارية، وتعزيز الوصول إلى السكن والأرض وحقوق الملكية، وتقديم المساعدة القانونية والدعم النفسي والاجتماعي، وتعزيز التماسك الاجتماعي عبر مشاريع مجتمعية.
في تموز الماضي، حصلت المنظمة على موافقة رسمية من وزارة الخارجية والمغتربين لإعادة تأسيس وجودها في دمشق وتوسيع عملياتها الإنسانية في مختلف أنحاء البلاد. وتقدم المنظمة الدولية للهجرة منذ عام 2014 مساعدات إنسانية منقذة للحياة في شمال غرب سوريا، مستهدفة المجتمعات الضعيفة بالمساعدات الأساسية. وبالإضافة إلى الإغاثة الطارئة، تواصل المنظمة تنفيذ برامج في سوريا تشمل جمع بيانات النزوح عبر مصفوفة تتبع النزوح، وخدمات الحماية، والدعم النفسي والاجتماعي، والمأوى، وتوفير المواد الأساسية للإغاثة.
من جهة أخرى، ذكرت كيلي كليمنتس، نائبة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن عدد السوريين العائدين من الخارج بلغ نحو 850000 سوري، بالإضافة إلى 1.7 مليون آخرين عائدين من مناطق أخرى داخل سوريا، خلال الأشهر العشرة الماضية. وأكدت كليمنتس، في حوار مع وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن أبرز الاحتياجات التي يواجهها العائدون هي توفير مأوى آمن، وخدمات صحية وتعليمية، بالإضافة إلى الحاجة إلى توثيق قانوني للعودة، حيث إن العديد من العائدين لا يملكون الوثائق اللازمة.
وأوضحت أن التمويل المتاح حاليًا لا يغطي سوى 22% من طلبات المفوضية للعام 2025، وأن المفوضية لا تستطيع بمفردها توفير الدعم النقدي والخدمات الأساسية التي تحتاجها الأسر الضعيفة، وأن هناك حاجة كبيرة إلى توفير الدعم المالي المستدام من المجتمع الدولي. وكشفت أنه تم إطلاق استجابة عملياتية لدعم المجتمعات العائدة بالتعاون مع السلطات السورية، حيث عملت المفوضية على توفير المساعدات في إصلاح المنازل، وتقديم الدعم النقدي للأسر الأكثر ضعفًا في أكثر من 69 مركزًا مجتمعيًا في سوريا. وافتتحت كليمنتس مركز السجل المدني في معرة النعمان، واطلعت على حاجات وتجربة العديد من العائدين، مؤكدة أن الوثائق القانونية تُعد حجر الزاوية لإعادة بناء حياتهم، إذ تتيح لهم استعادة ملكياتهم وتساعدهم في الاندماج مجددًا في الحياة المجتمعية. وأسهمت الأمم المتحدة في إعادة تأهيل بعض المنشآت الصحية بالتعاون مع عدد من الوكالات الإنسانية، وذلك من أجل تسهيل تقديم الخدمات الصحية للعائدين والمجتمعات المحلية.