الإثنين, 17 نوفمبر 2025 05:20 PM

بدء محاكمات المتهمين في أحداث الساحل: خطوة نحو العدالة والشفافية

بدء محاكمات المتهمين في أحداث الساحل: خطوة نحو العدالة والشفافية

أعلن جمعة العنزي، رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل، عن انطلاق أولى جلسات المحاكمات العلنية للمتهمين بارتكاب الانتهاكات خلال أحداث الساحل التي وقعت في آذار الماضي. وستكون هذه الجلسات مفتوحة أمام وسائل الإعلام المحلية والدولية، اعتبارًا من صباح اليوم، الاثنين 17 من تشرين الثاني.

وأكد العنزي عبر حسابه على منصة “إكس” أن هذه المحاكمات تمثل لحظة “فارقة” في تاريخ سوريا، وتعكس صورة البلاد التي تسعى إلى ترسيخ أسس العدالة والشفافية، وتعزيز الثقة بالنظام القضائي، وتشكل رادعًا للمجرمين، مع ضمان حقوق المتهمين ومحاكمتهم بشكل عادل.

وأشاد العنزي بالجهود التي بذلتها وزارات العدل والداخلية والدفاع السورية، بالإضافة إلى المؤسسة القضائية والضابطة العدلية، للوصول إلى هذه المرحلة، مشيرًا إلى ضخامة وتعقيد الملف وما يتطلبه من دقة وتمحيص في الإسناد القانوني والتجريم والملاحقة والقبض.

وأكد أهمية هذه المحاكمات لذوي الضحايا وكل المهتمين بمسار العدالة والإنصاف، مضيفًا أن اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري تسعى لإثبات أن مخرجاتها تطبق على أرض الواقع، لتأكيد أن سوريا دولة تراعي العدالة وتطبق القانون.

إحالة 563 متهمًا

كشف ياسر الفرحان، المتحدث الرسمي للجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في أحداث الساحل، عن إحالة 298 متهمًا بالاعتداءات على المدنيين، و265 متهمًا بالاعتداءات على عناصر الأمن العام، إلى القضاء. وأرجع الفرحان، في حديث إلى “القدس العربي” في 28 من أيلول الماضي، أسباب عدم الكشف عن هوياتهم إلى “حماية حقوقهم وحرصًا على عدم تواريهم عن العدالة وتجنبًا لأعمال انتقام قد تتطوّر إلى فتنة أهلية في مجتمعات متداخلة جغرافيًا”. وأشار إلى تسليم لوائح بأسماء المتهمين وخلفياتهم وكافة المعلومات المتعلقة بهم إلى السلطات القضائية، مع التزام اللجنة بمبدأ “عدم الإضرار”.

وأكد الفرحان قناعته بأن النائب العام والدوائر القضائية في وزارة العدل تواصل مهامها في فحص الملفات المحالة وتباشر إجراءات التوقيف والتحقيق.

تقرير لجنة التقصي

أعلن ياسر الفرحان، المتحدث باسم لجنة التحقيق وتقصي أحداث الساحل السوري، نتائج تقريرها الذي سُلّم إلى الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، في مؤتمر صحفي في 22 من تموز الماضي، حول الأحداث التي شهدها الساحل السوري في آذار الماضي. وأوضح الفرحان أن اللجنة بنت استنتاجاتها على الشبهة، وليس الدليل القاطع، وأنها لم تكشف عن أسماء المشتبه بهم حفاظًا على مبدأ عدم الإضرار، مع تنظيم أسمائهم في جداول ملحقة بالتقرير والتكتم على أسماء بعض الشهود الذين يخشون الكشف عن هوياتهم.

كما توصلت اللجنة إلى أسماء متهمين بارتكاب انتهاكات في أحداث الساحل، منهم 265 شخصًا منضمين إلى مجموعات مسلحة خارجة عن القانون مرتبطين بـ”فلول الأسد”، بالإضافة إلى 298 شخصًا هم أفراد ومجموعات يرتبطون ببعض المجاميع والفصائل العسكرية من مجمل القوات المشاركة، ممن خالفوا الأوامر العسكرية، ويُشتبه بارتكابهم انتهاكات بحق المدنيين.

آليات التحقق

ركزت اللجنة في تحقيقاتها على تقصي هوية الفاعلين وخلفيتهم بوسائل متعددة، منها سؤال العائلات والاستماع لمئات الشهادات من ذوي الضحايا، وباستجابة وزارة الدفاع لطلب اللجنة في التعرف على الأشخاص في الصور والفيديوهات المحددة، توصلت إلى معرفة 298 شخصًا بأسمائهم الصريحة من المشتبه بتورطهم في انتهاكات، وهذا الرقم يبقى أوليًا. ومن خلال فحص الأدلة الرقمية وبمساعدة من وزارة الدفاع، توصلت اللجنة إلى تحديد أفراد ومجموعات يرتبطون ببعض المجاميع والفصائل العسكرية من مجمل القوات المشاركة، وترجح اللجنة بأن هؤلاء الأفراد والمجموعات خالفوا الأوامر العسكرية ويشتبه بارتكابهم انتهاكات بحق المدنيين.

تتراوح الانتهاكات التي مورست بين أفعال القتل الواقع على أكثر من شخص، والقتل القصد، والسلب المسلح للممتلكات، وتخريب البيوت والمحال التجارية وحرقها، والشتم بعبارات طائفية ومخالفة الأوامر العسكرية الواردة في قانون العقوبات السوري العام.

ما أحداث الساحل؟

اندلعت أحداث الساحل في 6 من آذار الماضي، عقب تحركات لبعض العناصر في جيش النظام السابق، استهدفت عناصر للأمن العام في ريف اللاذقية غربي سوريا. وخلال ساعات، سيطر من تسميهم الأوساط الحكومية بـ”الفلول” على مناطق من مدينتي اللاذقية وطرطوس، مخلفين قتلى من الأمن العام. دفعت هذه التحركات وزارتي الدفاع والداخلية لاستقدام تعزيزات إلى المنطقة، تبعها مؤازرات من فصائل “منفلتة” موالية للحكومة إلى جانب مدنيين محليين مسلحين، ما خلّف انتهاكات كبيرة طالت مدنيين، أدت لمقتل المئات منهم، على خلفية انتماءات طائفية.

مع فجر يوم 7 من آذار، استعادت القوات التابعة للحكومة زمام الأمور، إلّا أن التوترات وعمليات القتل خارج نطاق القانون امتدت حتى 8 من ذات الشهر. عقب أحداث الساحل، أصدر رئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، لجنة لتقصي الحقائق، لبحث الأسباب التي أدت لاندلاع الأحداث وما تبعها من انتهاكات وقتل للمدنيين وعناصر الأمن العام.

مشاركة المقال: