الأربعاء, 9 يوليو 2025 01:27 PM

تجميد الأصول السورية في الخارج: هل تحمل العقوبات بارقة أمل للاقتصاد المتعثر؟

تجميد الأصول السورية في الخارج: هل تحمل العقوبات بارقة أمل للاقتصاد المتعثر؟

على الرغم من التعتيم الإعلامي الذي يحيط بحجم الأرصدة السورية المجمدة نتيجة للعقوبات المفروضة على سوريا خلال السنوات الماضية، إلا أن بعض الدول قدمت معلومات مسربة وغير رسمية. فعلى سبيل المثال، أشارت مصادر سويسرية إلى أن قيمة الأصول السورية المودعة في المصارف السويسرية والمجمدة بسبب العقوبات بلغت حوالي 112 مليون دولار. ونُسب هذا الرقم إلى وزارة الاقتصاد في العاصمة السويسرية برن، التي أوضحت أن هذه الأموال جُمدت بموجب العقوبات التي تبنتها سويسرا عام 2011 بالتوافق مع الاتحاد الأوروبي.

وفي سياق متصل، نقلت مجلة "المجلة" عن وثيقة صادرة عن "البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة" تقديرًا للأصول السورية المجمدة في الخارج بنحو 500 مليون دولار.

آمال معلقة

بغض النظر عن القيمة الإجمالية لهذه الأموال، فإن سوريا في أمس الحاجة إليها اليوم لتلبية التزامات ملحة ومتعددة الجوانب. فهل ستعود هذه الأموال بالفعل بعد رفع العقوبات؟ وما هو الأثر الإيجابي المتوقع على المؤسسات السورية التي تبحث عن تمويل كافٍ لاستئناف عملها بشكل متوازن؟

د. قوشجي: إمكانية استخدامها لإعادة تنشيط الدورة المالية وخصوصاً على مستوى تمويل التجارة الخارجية

وفقًا للخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، فإن صدور القرار التنفيذي برفع العقوبات المفروضة على سوريا قد أثار آمالًا واقعية بإمكانية الإفراج عن الأرصدة السورية المجمدة في المصارف الخارجية. وتتمثل هذه الأرصدة في حسابات لمصارف سورية أو لأشخاص سوريين، تم تجميدها ضمن إطار العقوبات المالية الدولية. إلا أن المشكلة الأساسية تكمن في غياب أي جهة رسمية أعلنت حتى الآن عن الحجم الدقيق لهذه الأصول أو هوية أصحابها، ويعود ذلك إلى الالتزام الصارم بسرية الحسابات المصرفية، والذي يمنع قانونًا الإفصاح عن مثل هذه المعلومات.

إنعاش القطاع المصرفي

يرى الخبير د. قوشجي، في تصريحه لـ "الحرية"، أن الأهمية الاستراتيجية لعودة هذه الأرصدة تكمن في إمكانية استخدامها لإعادة تنشيط الدورة المالية، وخاصة على مستوى تمويل التجارة الخارجية.

المصارف السورية ستكون قادرة على استئناف تعاملاتها مع البنوك المراسلة.. بما يُسهم في تمويل استيراد المواد الأولية والمعدات اللازمة لدعم القطاع الإنتاجي و الخدمي

ففي حال استعيد جزء من الأرصدة المحجوزة، فإن المصارف السورية ستكون قادرة على استئناف تعاملاتها مع البنوك المراسلة، مما يسهم في تمويل استيراد المواد الأولية والمعدات اللازمة لدعم القطاع الإنتاجي والخدمي، كخطوة أولى نحو تحفيز النمو وتعزيز الاستقرار النقدي.

خيار مكمل

يعتبر الخبير الاقتصادي أنه حتى في حال عدم كفاية الأرصدة المسترجعة لتغطية مجمل الاحتياجات، يمكن تفعيل آلية التمويل المدعوم من خلال مصارف معززة (Confirming/Correspondent Banks)، تعمل على دعم حسابات المصارف السورية وتوفير غطاء جزئي أو كلي للتمويل التجاري، ضمن ترتيبات دولية تكفل تقليل المخاطر الائتمانية وتعزيز الثقة في عمليات الدفع.

مخاوف مشروعة

توجد مخاطر تتعلق بالتآكل السابق للأرصدة، وبالتالي هناك ضرورة لوضع معايير رقابية محكمة. يشير د. قوشجي إلى أن بعض تلك الأرصدة قد تكون تقلصت قبل دخول "قانون قيصر" حيز التنفيذ، وذلك نتيجة استخدامها في تمويل عقود استيراد – بعضها كان لعقود فعلية في قطاعات حيوية كالأغذية والأدوية، فيما يشتبه بأن بعضها الآخر قد تم عبر عقود وهمية.

بعض تلك الأرصدة قد تكون تقلصت قبل دخول “قانون قيصر” حيز التنفيذ

ولهذا، فإن استعادة جزء من هذه الأموال لا يكفي وحده لتحقيق الانتعاش المالي، بل يجب أن يترافق مع إعادة هيكلة داخلية للقطاع المصرفي، تشمل تحسين أنظمة الرقابة، وتعزيز الشفافية، ووضع معايير واضحة لتوجيه التمويل إلى قطاعات إنتاجية.

توظيف مسؤول

في ضوء هذه التطورات، تُطرح ضرورة ضمان توجيه الأرصدة المحررة نحو أنشطة تحقق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني، وتجنب دعم المضاربات أو تمويل قطاعات مشبوهة، قد تسهم في خلق ضغوط تضخمية. ويؤكد الخبير الاقتصادي والمصرفي هنا، أنه يُفترض أن تشمل الأولويات تمويل المشاريع الصناعية والزراعية والبنى التحتية والخدمات الاستراتيجية، لا تمويل شراء العقارات أو السلع الكمالية.

ضرورة ضمان توجيه الأرصدة المحررة نحو أنشطة تحقق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني.. وتجنّب دعم المضاربات أو تمويل قطاعات مشبوهة

أي يجب اعتماد آلية رقابية شفافة لتتبع الأثر الاقتصادي للأرصدة المفرج عنها، بالتنسيق مع المؤسسات المالية الدولية، وذلك ضمن رؤية متكاملة لإعادة إدماج النظام المالي السوري في المنظومة العالمية، مع الحفاظ على السيادة الوطنية والمصالح الاقتصادية الداخلية.

تقديرات غير مؤكدة

بعد سويسرا.. تقول تقارير غير رسمية أن قيمة الأصول السورية المجمدة في "بريطانيا" تصل إلى نحو 205 مليون دولار، و من جانبٍ آخر، تتحدث مصادر عن أموال سورية مجمّدة لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" كان استخدامها مقيّداً بسبب العقوبات الغربية على "سوريا". ولا توجد أرقام دقيقة أيضاً لحجم تلك الأموال، لكن المعلومات المتداولة غير الرسمية تتحدّث عن أنها تبلغ نحو 11.5 مليون دولار.

هنا يمكن ترجيح الرقم الذي أوردته مجلة "المجلة" التي تحدثت عن 500 مليون دولار كرقم قريب من واقع الأرصدة المجمدة لسوريا في الخارج. وهو رقم غير قليل و إن كان ليس بالرقم الكبير أمام ما تحتاجه البلاد بشكل ملح في هذه المرحلة.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: