حذر وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، سلطة دمشق من مغبة استمرار الوضع الكارثي في الجنوب السوري، مؤكدًا أن إنهاء هذه الكارثة هو شرط أساسي للحفاظ على أي فرصة لتحقيق سوريا موحدة وشاملة وسلمية، خالية من تنظيم “الدولة الإسلامية” والسيطرة الإيرانية. وأكد روبيو على ضرورة استخدام قواتها الأمنية لمنع تنظيم “الدولة”، وأي جهاديين “عنيفين” آخرين، من دخول المنطقة وارتكاب المجازر.
وطالب وزير الخارجية، عبر منصة “إكس“، اليوم الأحد 20 من تموز، بمحاسبة وتقديم أي شخص مذنب بارتكاب فظائع إلى العدالة، بمن فيهم من هم في صفوفها، وبوقف عمليات اغتصاب وقتل الأبرياء، التي حدثت ولا تزال تحدث. كما شدد على ضرورة الوقف الفوري للقتال بين الجماعات الدرزية والبدوية داخل المحيط.
وكشف روبيو عن انخراط الولايات المتحدة بشكل كبير خلال الأيام الثلاثة الماضية مع إسرائيل والأردن والسلطات في دمشق، بشأن التطورات “المروعة والخطيرة” في جنوب سوريا.
منعطف حاسم
من جهته، صرح المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس براك، اليوم، بأن قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، برفع العقوبات كان خطوة مبدئية، أتاحت للشعب السوري فرصة لتجاوز سنوات من المعاناة والفظائع التي “لا تصدق”. وأضاف أن المجتمع الدولي احتشد إلى حد كبير خلف الحكومة السورية الناشئة، مراقبًا بتفاؤل حذر سعيها للانتقال من إرث من الألم إلى مستقبل مفعم بالأمل.
إلا أن هذا الطموح الهش تخيم عليه الآن صدمة عميقة، إذ اعتبر المبعوث أن الأعمال “الوحشية” التي ترتكبها الفصائل المتحاربة على الأرض، تقوض سلطة الحكومة، وتعطل أي مظهر من مظاهر النظام. وطالب جميع الفصائل بإلقاء أسلحتها فورًا، ووقف الأعمال العدائية، والتخلي عن دورات الانتقام القبلي، مشيرًا إلى أن سوريا تقف عند منعطف حاسم، لذلك يجب أن يسود السلام والحوار.
لقاء مع “قسد”
وكان المبعوث الأمريكي ناقش، السبت 19 من تموز، مع قائد قوات “سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، الخطوات العملية نحو الاندماج في سوريا موحدة، من أجل مستقبل “سلمي، ومزدهر، وشامل، ومستقر”، لجميع السوريين. وأعلنت السفارة الأمريكية في دمشق أن براك وعبدي التقيا لمناقشة الوضع الراهن في سوريا، والحاجة إلى اتخاذ خطوات عاجلة لاستعادة الهدوء والاستقرار. واتفق الطرفان على أن الوقت “قد حان” للوحدة، وأعرب براك عن شراكة قوات “سوريا الديمقراطية” المستمرة في مكافحة التنظيم في سوريا.
اتفاق وقف إطلاق النار
وكان براك، أعلن، السبت، عن اتفاق دولي لوقف إطلاق النار في السويداء جنوبي سوريا، بعد أيام من العنف والانتهاكات المتبادلة. الرئيس السوري، أحمد الشرع، قال في خطاب مصور هو الخطاب الثاني منذ اندلاع التصعيد في الجنوب، إن “الأحداث الأخيرة التي شهدتها محافظة السويداء شكّلت منعطفًا خطيرًا”، معتبرًا أن “الاشتباكات العنيفة بين هذه المجموعات كادت تخرج عن السيطرة لولا تدخل الدولة السورية لتهدئة الأوضاع. “الدولة السورية تمكّنت من تهدئة الأوضاع رغم صعوبة المشهد”، بحسب الشرع، “لكن التدخل الإسرائيلي دفع البلاد إلى مرحلة خطيرة تهدد استقرارها، نتيجة القصف السافر على الجنوب وعلى مؤسسات الحكومة في دمشق. وعلى إثر هذه الأحداث، تدخلت الوساطات الأمريكية والعربية في محاولة لتهدئة الوضع”.
ومع خروج الدولة من بعض المناطق، وتسليم جماعات محلية شؤون المدينة، في 17 من حزيران، “بدأت مجموعات مسلحة من السويداء بشن هجمات انتقامية ضد البدو وعائلاتهم هذه الهجمات الانتقامية، التي ترافقت مع انتهاكات لحقوق الإنسان، دفعت باقي العشائر إلى التوافد لفك الحصار عن البدو داخل السويداء”، بحسب الشرع. وشهدت محافظة السويداء، منذ 13 من تموز، تصعيدًا عنيفًا تخلله اشتباكات وانتهاكات متبادلة بين عشائر البدو وفصائل محلية موالية للرئيس الروحي للطائفة الدرزية، حكمت الهجري، ومن قوى الأمن ووزارة الدفاع.