السبت, 17 مايو 2025 07:09 PM

تحذيرات متزايدة: كيف يهدد الذكاء الاصطناعي قدرات التفكير النقدي والإبداع؟

تحذيرات متزايدة: كيف يهدد الذكاء الاصطناعي قدرات التفكير النقدي والإبداع؟

في الوقت الذي يُروّج فيه للذكاء الاصطناعي على أنّه أداة لتحسين الكفاءة وحل المشكلات، تشير دراسات علمية متزايدة إلى أن الاعتماد المفرط عليه قد يؤدي إلى نتائج عكسية تهدّد القدرات العقلية للبشر، خصوصاً مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات بشكل مستقل.

أثر الثقة المفرطة في التفكير التحليلي: في دراسة أجرتها شركة «مايكروسوفت» بالتعاون مع «جامعة كارنيغي ميلون»، تبيّن أن العاملين الذين يثقون بشكل كبير في قدرات أدوات الذكاء الاصطناعي كانوا أقل ميلاً إلى استخدام مهاراتهم النقدية. وشمل البحث استطلاعاً لآراء 319 موظفاً في قطاع معالجة البيانات، إذ رُصد تراجع واضح في التفكير التحليلي لدى من يعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي لإتمام المهمات، خصوصاً البسيطة منها، ما قد يُضعف قدرتهم على تقييم النتائج أو التحسّن الذاتي على المدى الطويل.

الشك في الذكاء الاصطناعي يعزز التفكير النقدي: وبحسب الدراسة، فإن أولئك الذين أبدوا تشككاً في أداء الذكاء الاصطناعي أظهروا مستوى أعلى من الوعي التحليلي، واحتفظوا بمهارات التفكير النقدي بشكل أنشط. كما بيّنت النتائج أن مخرجات المستخدمين الذين يعتمدون على الذكاء الاصطناعي تكون أقل تنوعاً، ما يعكس تقليصاً في الإبداع ومرونة الحلول.

الاستخدام المتكرر يسبب «التفريغ المعرفي»: وفي السياق ذاته، أشارت دراسة نُشرت في مجلة «سوسايتيز» إلى أن الاستخدام المتكرر لأدوات الذكاء الاصطناعي يرتبط بانخفاض واضح في مهارات التفكير النقدي. وشملت العينة 666 شخصاً من خلفيات عمرية وسكانية متنوعة، وكشفت أن الإفراط في استخدام هذه الأدوات قد يفضي إلى ما يُعرف بـ«التفريغ المعرفي»، وهي ظاهرة تقود إلى تخفيض الجهد العقلي الذي يبذله الفرد عبر الاعتماد على مصادر خارجية، الأمر الذي يعيق قدرته على التفكير العميق وحل المشكلات ذاتياً.

أدوات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها في أداء الطلاب والدماغ: وفي دراسة أخرى أعدّتها «المكتبة الوطنية الأميركية للطب»، وُجد أن 68.9% من الكسل، و27.7% من القرارات السيئة لدى 285 طالباً، كانت مرتبطة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، إذ استُخدمت تلك الأدوات لجمع البيانات وتحليلها وأتمتة المهمات.

وبحسب التقرير، فإن هذا النمط من الاستخدام يؤدي إلى تراجع في «الاحتياطي المعرفي»، ويضعف الترابط العصبي بين خلايا الدماغ، ما يؤثر سلباً في مرونة التفكير والتكيّف مع التحديات. كما إن الحصول على إجابات فورية ومنظمة من أدوات مثل «شات جي بي تي» يحرم الدماغ من فرصة المعالجة العميقة والتفكير التحليلي.

القرارات الخوارزمية: خطر جديد على السلوك البشري: ويحذّر الخبراء من أن الجانب المظلم للذكاء الاصطناعي لا يكمن فقط في نتائجه التقنية، بل في قدرته على التأثير في السلوك البشري، وفرض ما يُعرف بـ«القرارات الخوارزمية» التي تُقدَّم على هيئة رأي بشري يصعب التشكيك فيه.

تحذير ستيفن هوكينغ من الذكاء الاصطناعي: ورغم أن هذه المخاوف ليست جديدة، فإن العالم لا يزال في بدايات رصد تداعياتها الفعلية. فحتى قبل عقد من الزمن، حذّر الفيزيائي الشهير، ستيفن هوكينغ، من أن «تطوير ذكاء اصطناعي كامل قد يعني نهاية الجنس البشري»، وهو تحذير أطلقه باستخدام نظام يعمل بهذه التقنية.

لمعرفة المزيد عن تطور الذكاء الإصطناعي في مختلف المجالات، اقرأ أيضاً: «صفقة ضخمة بين هاميلتون و«بيربلكستي»»

«غوغل» مقابل «شات جي بي تي»: أيهما أكثر خطراً على الإبداع؟ من جهة أخرى، يشير تقرير نُشر في مجلة «ساينس جورنال» إلى أن الاعتماد المتزايد على محركات البحث، مثل «غوغل»، قد أثّر سلباً في مهارات الاحتفاظ بالمعلومات والتفكير النقدي. وفي دراسة موازية نشرتها مجلة «ساينس دايركت»، تبيّن أن الاستخدام المتكرر لمحركات البحث ارتبط بتراجع في الإبداع وحل المشكلات.

لكن الفرق الجوهري بين أدوات مثل «غوغل» و«شات جي بي تي» يكمن في طبيعة النتائج: فالأول يُقدّم خيارات متعددة تحفّز على الاستكشاف، بينما يُقدّم الثاني إجابة جاهزة واحدة، تُغري المستخدمين بتلقّي المعرفة من دون بذل مجهود ذهني، وهو ما يهدد في النهاية تطور الفكر النقدي الذي يُعد جوهرة مستقبل الإنسان.

مشاركة المقال: