الإثنين, 14 يوليو 2025 10:25 PM

تحركات مشبوهة على الحدود اللبنانية السورية: هل ينخرط الشرع في الضغط على المقاومة؟

تحركات مشبوهة على الحدود اللبنانية السورية: هل ينخرط الشرع في الضغط على المقاومة؟

منذ الهجوم الذي استهدف كنيسة مار الياس في دمشق في الثاني والعشرين من الشهر الماضي، تنتشر في لبنان شائعات حول الوضع الأمني المرتبط بسوريا. تتحدث هذه الشائعات عن تحضيرات مزعومة لأعمال عسكرية على الحدود، وتخريب أمني في الداخل، بالإضافة إلى تحركات لخلايا تنظيم «داعش» وتوسع جديد للتنظيم.

ومع ذلك، يفتقر الجزء الأكبر من هذه الشائعات المتداولة إلى أساس متين، خاصة ما يتم ترويجه عن انتشار مقاتلين أجانب على الحدود أو تسلل عناصر عبر طرابلس. وقد نفى الجيش اللبناني هذه الادعاءات في بيان رسمي، ومن المتوقع أن تتضح الصورة بشكل أكبر خلال جولة تفقدية على الحدود سيقوم بها وزير الدفاع ميشال منسّى مع عدد من الوزراء المعنيين وقادة الأجهزة الأمنية يوم الخميس المقبل.

لكن هذه الصورة ليست كاملة، إذ يلمس المراقبون تغيراً في المشهد السوري منذ أيام، وتحديداً بعد زيارة أحمد الشرع الأخيرة إلى الإمارات، بالتزامن مع إعلان وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو إلغاء العقوبات على «هيئة تحرير الشام» وفق سياسة «خطوة مقابل خطوة»، مما يشير إلى مرحلة جديدة.

ووفقاً لمصادر سورية مطلعة، فإن التطور في العلاقات الأميركية – السورية يجري على قاعدة تثبيت الالتزام الأميركي مع حكم الشرع مقابل انضمامه إلى الحرب على الإرهاب، سواء ضد الفصائل الفلسطينية أو حزب الله أو «داعش»، من جهة، والمضي قدماً في المفاوضات والتقارب مع الإسرائيليين من جهة ثانية.

ويمثل هذا المسار المبعوث الأميركي توم برّاك ومن خلفه البيت الأبيض، وهو ما تسبب بانفراط عقد التفاهم مع المجموعة الكردية الممثلة بـ«قسد» في الشرق السوري وعودة الخلاف والتوتر بعدما كان التقارب قد قطع شوطاً.

وقد ظهر تشدد الشرع في الموقف مع «قسد» مستنداً إلى الدعم الأميركي المستجد، فيما ظل موقف «قسد» متصلباً اعتماداً على موقف البنتاغون الذي لا يزال إلى جانبها.

في هذا السياق، سُجلت مؤشرات سياسة سورية جديدة تجاه لبنان، في ما يظهر أنه جزء من عملية تحضير للأجواء لما قد يشكل منعطفاً كبيراً، خصوصاً أن الملف اللبناني، بشقه المتعلق بسلاح المقاومة، أو الترتيبات الخاصة بالحدود، أو الوضع الداخلي، كل ذلك بات لصيقاً بالملف السوري، وليس من قبيل الصدفة أن يقرر البيت الأبيض تكليف المبعوث إلى سوريا بمتابعة ملف لبنان.

وكانت بداية التحريض من بوابة الموقوفين الإسلاميين في السجون اللبنانية، والتي لعب الوزير الأسبق معين المرعبي، طوال المدة الماضية، دوراً كبيراً في تحريض السوريين على تحويلها إلى عنوان رئيسي، إلى جانب هيئة علماء الشمال وقيادات إسلامية تعتبر أن معالجة ملف الموقوفين السوريين، يمكن أن يترافق مع إطلاق سراح عشرات أو المئات من الإسلاميين الموقوفين أو المحكومين في السجون على خلفية نشاط إرهابي.

إلا أن ورقة الموقوفين والتهديد بإقفال الحدود، التي أُشهرت عشية زيارة محتملة لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بيروت، عبر التسريب المتعمد ثم النفي، ليست، وفق مصادر سورية مطلعة، سوى قنبلة دخانية يراد منها تهيئة الأجواء لدور سوري في الضغوط الإقليمية والدولية على المقاومة لتسليم سلاحها. وهو دور منسق مع السعوديين والأميركيين، فيما سُجل عدم ارتياح تركي لهذه الوجهة.

وفي خطوة إضافية تصب في خدمة الهدف نفسه، أعلنت سلطات دمشق أمس أن وزارة الداخلية السورية نفذت عملية أمنية أدت إلى إحباط هجوم بعبوات ناسفة في محافظة حمص.

وأضاف بيان وزارة الداخلية «أن جهاز الاستخبارات العامة، بالتعاون مع قيادة الأمن الداخلي في محافظة حمص، نفذ عملية أمنية استباقية، أسفرت عن إلقاء القبض على شخص يدعى محمود فاضل (…) وتم ضبط عدد من العبوات الناسفة الجاهزة للاستخدام»، مشيرة إلى أن فاضل «كان يعتزم تنفيذ عمليات إرهابية بها في المنطقة»، وأن «التحقيقات الأولية كشفت عن ارتباط فاضل بخلية تابعة لحزب الله اللبناني، كما تبين أنه تسلم العبوات عبر معابر التهريب غير الشرعية».

وقد نفى حزب الله أي علاقة له بالأمر. وأوضح بيان لوحدة العلاقات الإعلامية أنه «ليس لدى حزب الله أي تواجد أو نشاط في ‏سوريا، ولا علاقة له بأي أحداث أو صراعات هناك»، مؤكداً حرصه «على أمن سوريا واستقرارها وسلامة ‏شعبها».

وبالعودة إلى ملف الحدود، تقول المصادر السورية إن الشرع أقدم على نشر عناصر القوات الخاصة التابعة لـ«هيئة تحرير الشام»، والمعروفة باسم «العصائب الحمراء»، على الحدود مع لبنان، وهي المرة الثانية التي يجري فيها تحريك هؤلاء العناصر بعد جولة المناوشات مع العشائر مقابل الهرمل في شباط الماضي.

وبينما يجري الحديث في دمشق عن أن هذا الانتشار أتى ضمن سياسة منسقة للمساهمة في الضغوط على حزب الله، لا يزال من غير الواضح إذا ما كان الشرع يقوم بهذه التحركات كمناورة وضغط إعلامي وسياسي لكسب ود السعوديين والأميركيين، أم أن هناك بالفعل قراراً جدياً في دمشق بالمشاركة والتورط في أعمال عسكرية أو أمنية.

مشاركة المقال: