الأحد, 20 أبريل 2025 05:01 AM

تحول مرتقب: البنك الدولي وصندوق النقد يناقشان إعادة دعم سوريا رغم العقوبات الغربية

تحول مرتقب: البنك الدولي وصندوق النقد يناقشان إعادة دعم سوريا رغم العقوبات الغربية

في خطوة قد تشكل نقطة تحول في التعامل الدولي مع الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من عقد، أعلن عبد الله الدردري، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة والمدير المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، عن نية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مناقشة سُبل إعادة تقديم الدعم المالي للحكومة السورية خلال اجتماعات الأسبوع المقبل. ويأتي هذا التطور على هامش الاجتماعات السنوية للهيئات المالية الدولية، التي تستضيفها واشنطن في أواخر الشهر الجاري.

وكشف الدردري، في تصريح خاص لوكالة “رويترز”، أن اجتماعًا مهمًا بشأن مستقبل سوريا سيُعقد بمشاركة المملكة العربية السعودية والبنك الدولي. وأوضح أن المسؤولين سيبحثون خطوات رئيسية لإعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي عبر المؤسسات الدولية، رغم استمرار العقوبات الغربية التي تعتبرها دمشق عقبة رئيسية أمام جهود إعادة الإعمار.

وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية تعتزم تسديد نحو 15 مليون دولار من الديون المستحقة على سوريا للبنك الدولي، وهو ما قد يفتح الباب أمام دعم مالي جديد عبر المؤسسة الدولية للتنمية (IDA) التابعة للبنك الدولي. وتقدم هذه المؤسسة قروضًا ومنحًا ميسرة للدول ذات الدخل المنخفض، مما يعني فرصة لسوريا لتلقي مساعدات مالية حيوية بعد سنوات من العزلة الاقتصادية.

وفي السياق ذاته، أكد الدردري أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) حصل مؤخرًا على إعفاء من العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا. ويتيح هذا الإعفاء للبرنامج جمع ما يصل إلى 50 مليون دولار لتمويل مشروعات حيوية، مثل إصلاح محطة دير علي لتوليد الكهرباء الواقعة جنوب العاصمة دمشق. وتُعدّ هذه الخطوة إشارة إلى الجهود الدولية المبذولة للتخفيف من تداعيات العقوبات على البنية التحتية السورية، رغم استمرار القيود الصارمة التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وتتزامن هذه التحركات مع استعداد الحكومة السورية للمشاركة في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وذلك لأول مرة منذ عام 2000. وتُعدّ هذه المشاركة غير المسبوقة انعكاسًا لتحول محتمل في موقف المجتمع الدولي تجاه سوريا، حيث بدأت بعض الدول الإقليمية والدولية بإعادة النظر في سياساتها تجاه دمشق.

وتأتي هذه الخطوة في ظل تغيّر موازين القوى الإقليمية، حيث تعمل السعودية ودول أخرى على تعزيز دورها في دعم الاستقرار في سوريا، كما تعكس هذه التحركات دلالاتٍ سياسيةً واقتصاديةً قد تكون لها تداعيات طويلة الأمد على مستقبل البلاد. ورغم هذه التطورات الإيجابية، لا تزال العقوبات الغربية المفروضة على سوريا منذ عام 2011 تشكل عقبة كبيرة أمام أي جهود حقيقية لإعادة الإعمار.

وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي قد فرضت عقوبات صارمة على الحكومة السورية ردًّا على قمع الاحتجاجات الشعبية في بداية الأزمة. وتشمل هذه العقوبات قيودًا على المعاملات المالية والتجارية، مما يجعل من الصعب على سوريا جذب الاستثمارات الأجنبية أو الوصول إلى الأسواق العالمية.

وفي هذا السياق، شدد الدردري على أن تحقيق أي تقدم حقيقي يتطلب جهودًا دولية جادة لرفع أو تخفيف هذه العقوبات، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والبنية التحتية. وتُسلط هذه التحركات الضوء على الجهود المبذولة لإعادة سوريا إلى النظام الاقتصادي العالمي، لكنها تواجه تحديات كبيرة تتعلق بالعقوبات والمخاوف السياسية.

ومع ذلك، فإن المشاركة المرتقبة للحكومة السورية في الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي قد تكون بداية لمرحلة جديدة من التعامل الدولي مع الأزمة السورية، خاصة إذا تمكن المجتمع الدولي من التوصل إلى توافق حول كيفية دعم سوريا دون تجاوز الإطار القانوني للعقوبات. يبدو أن سوريا تقف على أعتاب مرحلة جديدة قد تحمل معها فرصة لإعادة الإعمار والتعافي، لكنها تتطلب تعاونًا دوليًا واسع النطاق وإرادة سياسية قوية لتجاوز العقبات المتبقية.

مشاركة المقال: