أعلن مكتب الإحصاء الاتحادي في فيسبادن (Destatis) عن انخفاض كبير في عدد الوافدين السوريين إلى ألمانيا خلال العام الجاري. وأظهرت بيانات المكتب أن دوائر التسجيل الألمانية سجلت حوالي 40 ألف وافد سوري بين كانون الثاني/يناير وأيلول/سبتمبر 2025، مقارنة بـ 74,600 وافد في الفترة نفسها من عام 2024، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 46.5%.
في المقابل، ارتفع عدد السوريين الذين غادروا ألمانيا بنسبة 35.3% خلال الفترة نفسها، حيث تم تسجيل 21,800 مغادر، مقارنة بنحو 16,100 مغادر في العام السابق. ويعزو المكتب هذا التراجع الحاد إلى سقوط نظام بشار الأسد في سوريا أواخر عام 2024، وما أعقبه من تحولات سياسية وأمنية.
وتشير تقديرات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) إلى عودة ما يقارب مليون لاجئ سوري إلى بلادهم بين كانون الأول/ديسمبر 2024 وأيلول/سبتمبر 2025، بالإضافة إلى عودة 1.8 مليون نازح داخلي إلى مناطقهم الأصلية. ومع ذلك، لا يزال أكثر من 4.5 ملايين لاجئ سوري يعيشون في الخارج، بينما يتجاوز عدد النازحين داخل سوريا 7 ملايين شخص.
وفيما يتعلق بألمانيا، أفادت المفوضية بأن عدد السوريين المسجلين كطالبي حماية بلغ 713 ألفًا بنهاية عام 2024، مما يجعلهم ثاني أكبر مجموعة من طالبي الحماية بعد الأوكرانيين. وأظهرت الأرقام الرسمية الصادرة عن Destatis انخفاض طلبات اللجوء الأولى المقدمة من سوريين إلى 19,200 طلب خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، بتراجع نسبته 67.1% عن العام الماضي. وبلغ إجمالي الطلبات، بما فيها الطلبات المتكررة، 20,100 طلب حتى نهاية أيلول/سبتمبر.
وعلى الرغم من هذا الانخفاض الكبير، لا تزال سوريا تحتل المرتبة الأولى بين الجنسيات المتقدمة بطلبات لجوء جديدة بنسبة 21.9% من مجموع المتقدمين. وقد أثار هذا التراجع في أعداد الوافدين والمقيمين السوريين في ألمانيا نقاشًا سياسيًا واسعًا، حيث دعا عدد من قيادات الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) إلى تشجيع العودة الطوعية للسوريين إلى بلادهم بعد تغير الظروف، معتبرين أن “الأسباب التي دفعت إلى اللجوء لم تعد قائمة”.
في المقابل، حذرت أطراف أخرى من التسرع في تبني سياسات العودة دون دراسة الوضع الأمني والاقتصادي في سوريا، مشيرة إلى أن الاستقرار لا يزال هشًا في كثير من المناطق. وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، أظهرت بيانات وكالة الإحصاء الأوروبية (Eurostat) أن عدد طلبات اللجوء الأولى المقدمة من سوريين بلغ 26,200 طلب بين كانون الثاني/يناير وتموز/يوليو 2025، أي بانخفاض نسبته 68.8% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. وأشارت الوكالة إلى أن سوريا أصبحت ثالث أكبر بلد منشأ لطالبي اللجوء في الاتحاد الأوروبي بعد فنزويلا وأفغانستان، فيما بلغ إجمالي طلبات اللجوء من خارج الاتحاد الأوروبي نحو 396,700 طلب، بتراجع قدره 27% عن العام الماضي (وفقًا لتقرير Eurostat حول اللجوء والهجرة في الاتحاد الأوروبي – آب/أغسطس 2025).
ويعكس هذا التراجع العام في أعداد الوافدين واللاجئين السوريين إلى ألمانيا وأوروبا تحولًا تدريجيًا في مسار الهجرة السورية بعد أكثر من عقد على الحرب، في ظل تغير الأوضاع السياسية والأمنية داخل سوريا، وتبدل أولويات الدول الأوروبية في سياسات اللجوء والهجرة.