في مشهد يعكس حس المسؤولية والتكاتف الأهلي، هبّ أهالي قرية "السويدة" في ريف مصياف لمواجهة النيران التي اندلعت في أراضيهم يوم الأربعاء، وذلك قبل وصول فرق الإطفاء المنشغلة بحرائق اللاذقية.
تحرّك العشرات من أبناء القرية بشكل فوري، مدفوعين بإدراكهم لحجم العبء الملقى على عاتق الدفاع المدني، وحملوا أدواتهم البسيطة وتوجهوا نحو الحريق لمنع انتشاره، إيماناً منهم بأن حماية الأرض لا تحتمل التأخير.
وذكر "محمد"، أحد المشاركين في إخماد الحريق، لـ"سناك سوري" أن الأهالي «تحركوا بسرعة كل حسب إمكانياته»، وبدأوا بالسيطرة على الحريق لحين وصول سيارات الإطفاء، في صورة تجسد التعاون الأهلي في مواجهة الكوارث، على الرغم من الإمكانيات المحدودة.
وأكد مصدر في لـ"سناك سوري" أنه تم تلقي البلاغ عن الحريق في قرية السويدة، وتوجهت فرق الإطفاء على الفور إلى الموقع وتمت السيطرة على الحريق بسرعة، وهو الآن في مرحلة التبريد والمراقبة.
وأشاد المصدر بجهود أهالي القرية الذين لم يكتفوا بمحاولة الإخماد، بل ساهموا أيضاً في إرشاد فرق الدفاع المدني إلى طرق الوصول في ظل تضاريس المنطقة الوعرة، مما ساعد في تسريع العملية وتقليل الخسائر.
وتأتي هذه الحادثة في أعقاب سلسلة حرائق حراجية، تسببت في خسائر بيئية واقتصادية ملموسة في "“، كان آخرها نهاية شهر حزيران الفائت غرب جبل القاهر بالمدينة، حيث استمر الحريق قرابة 4 أيام، والتهم ما يقارب 1783 دونم من الغابات والنباتات النادرة.
وفي ريف اللاذقية، اندلعت حرائق واسعة مستمرة منذ أسبوع تقريباً، امتدت على مساحة نحو 15 ألف هكتار، خاصة في منطقة قُسطل معاف وجبال التركمان، ما استدعى إخلاء عدة قرى وتحرّك نحو 80 فريقاً ميدانياً و180 آلية بمشاركة فرق محلية ومساعدات تركية وأردنية.
كما أُصيب مدنيون وعناصر من الدفاع المدني بإجهاد وجروح طفيفة، وبلغت سرعة الرياح في بعض المناطق أكثر من 60 كم/سا، ما زاد من صعوبة السيطرة على النيران.
وتكشف هذه الأرقام عن التحدي الكبير الذي تواجهه المناطق الحرجية السورية، وخاصة في مصياف واللاذقية، في ظل تضاريس وعرة وغياب خطط وقائية كافية للحد من خسائر موسم حرائق صيفي قاسٍ.
وتشير الوقائع إلى أن مبادرات الأهالي قد تكون عاملاً حاسماً في الاستجابة السريعة، لكنها لا تغني عن ضرورة وجود خطط استباقية طويلة الأمد، تشمل تعزيز التجهيزات الفنية، تأهيل خطوط الوصول، وتكثيف التوعية، إضافة إلى نشر أنظمة إنذار مبكر ومراقبة أوتوماتيكية في هذه المناطق الحساسة.