تعتبر المشاريع الاستثمارية، بما في ذلك الاستثمارات السياحية في المواقع والمعالم الأثرية، عنصراً أساسياً للتنمية الشاملة في أي منطقة، حيث تمثل السياحة الأثرية دعامة قوية للتنمية الاقتصادية. وإلى جانب دورها الاقتصادي، تكمن أهميتها الجوهرية في الحفاظ على الإرث الحضاري الذي يعكس هوية المكان، وتعزيز التنمية الفكرية والثقافية، ودعم الاقتصاد الوطني.
وفيما يتعلق بجهود إحياء هذا القطاع الحيوي واستثماره، صرح نائب مدير عام المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية، مسعود بدوي، لعنب بلدي، بأن الحكومة تولي اهتماماً خاصاً للاستثمار السياحي في المواقع الأثرية، معتبرةً إياه محركاً اقتصادياً وثقافياً في آن واحد.
وأوضح بدوي أن رؤية المديرية ترتكز على إعادة تأهيل هذه المواقع مع الحفاظ على طابعها التاريخي الأصيل، وذلك من خلال مشاريع استثمارية مدروسة تهدف إلى تنشيط السياحة الداخلية والخارجية، وتحسين الاقتصاد الوطني من خلال توفير فرص عمل وبيئة استثمارية جاذبة، بالإضافة إلى الترويج لسوريا كوجهة سياحية عالمية غنية بتراثها.
قاعدة بيانات واشتراطات
تعمل المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية على إعداد قاعدة بيانات شاملة تتضمن المباني والعقارات التابعة للآثار والمتاحف، وذلك تمهيداً لعرضها للاستثمار وفق رؤية مستقبلية واضحة، بحسب تصريح نائب المدير العام، مسعود بدوي.
وأشار بدوي إلى أن هذه الخطوة ستمكن المديرية من وضع برنامج استثماري محدد، يهدف إلى الاستفادة القصوى من الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها هذه المواقع، مع احترام قيمتها الأثرية وضمان استثمارها الأمثل لخدمة المجتمع المحلي والاقتصاد الوطني.
وأكد بدوي أن المديرية تضع معايير صارمة لضمان توافق أي استثمار مع الضوابط الفنية والأثرية المعتمدة، بما يحافظ على القيمة التاريخية والجمالية للموقع. وتشمل هذه المعايير، بحسب بدوي، الحفاظ على الهوية المعمارية، واستخدام مواد وتقنيات تتناسب مع طبيعة المباني، وضمان استدامة الموقع وحمايته. وأشار إلى أن المديرية تعمل على تحديث هذه الاشتراطات لتتوافق مع المعايير الدولية المعتمدة في مجال صون التراث الثقافي وإدارته.
- وذكر نائب المدير العام، أن "الآثار والمتاحف" تعمل ضمن استراتيجية متكاملة لتطوير السياحة الأثرية في سوريا الجديدة، تشمل محاور عدة: ترميم وإعادة تأهيل المواقع الأثرية المتضررة
- تحسين البنية التحتية والخدمات المحيطة بالمواقع.
- إدخال التكنولوجيا الحديثة في الترويج، مثل المنصات الرقمية والجولات الافتراضية.
- التعاون مع القطاع الخاص والمجتمع المحلي لتعزيز السياحة المُستدامة.
متطلبات إنعاش القطاع
وفيما يتعلق بالمتطلبات الأساسية لإنعاش قطاع السياحة الأثرية وإعادة سوريا إلى مكانتها على خريطة السياحة العالمية، أوضح بدوي أن المديرية تركز على تأمين التمويل، ورفع الوعي بأهمية التراث، وتدريب الكوادر المتخصصة، وتوسيع الشراكات الدولية.
تضم سوريا مجموعة من أقدم المدن والمواقع التي تعود إلى آلاف السنين، بما في ذلك آثار الكنعانيين والرومانيين والبيزنطيين والأمويين، مما يجعلها متحفاً حياً مفتوحاً. كما تتميز بكونها منبعاً لحضارات الشرق الأدنى القديم ومركزاً للتفاعل وتبادل الثقافات عبر العصور.
تحتل السياحة الثقافية، بما في ذلك السياحة الأثرية، مكانة بارزة في السياسة السياحية لـ 90% من دول العالم، وفقاً لمسح عالمي أجرته "منظمة السياحة العالمية" عام 2016.