الثلاثاء, 29 أبريل 2025 10:32 PM

دمشق تحت الأنقاض: عودة الحياة تتعثر في جوبر والقابون رغم جهود الإزالة

دمشق تحت الأنقاض: عودة الحياة تتعثر في جوبر والقابون رغم جهود الإزالة

"تعمد النظام السابق إهمالنا، آمل ألا يهملنا النظام الحالي"، هكذا عبر كرم الخليل عن حزنه على منزله المدمر في حي جوبر شرقي العاصمة دمشق. لم يستطع كرم السيطرة على انفعاله، خلال حديثه، لعنب بلدي، عن ذكريات منزله القديم الذي تحول إلى "كومة من الأنقاض"، إذ ينتظر قرارًا لإزالة الركام حتى يعيد بناءه. استمر كرم بالبحث لمدة ثلاثة أشهر حتى تعرف على منزله من خلال البلاط الذي استخدمه قبيل اندلاع الثورة السورية، لكن عودته إلى منزله معلّقة بسبب تراكم الأنقاض التي تعوق عودة الأهالي وتحد من حركتهم داخل الحي. كما أن انتشار الأنفاق في حي جوبر يؤدي إلى تصدع الأبنية المتبقية فيه، ما يؤدي إلى سقوطها وتحولها إلى ركام جديد. المعاناة ذاتها تتكرر في حي القابون، إذ يشتكي الأهالي من أكوام الأنقاض التي تعوق دخول السيارات إلى الشوارع الفرعية. ولا يختلف مشهد الركام في حي جوبر عن القابون وباقي الأحياء الدمشقية التي تعرضت لدمار جراء قصف نظام الأسد المخلوع، بحكم قربها من قلب العاصمة دمشق. وقال حسام مبارك، وهو من حي القابون، إن حلول الأهالي بإزالة أنقاض المنازل المدمرة عبر الفرق التطوعية تتسبب بإغلاق شوارع أخرى، إذ ينقلون الركام من منطقة إلى أخرى بطريقة عشوائية دون حلول جذرية.

مبادرات إزالة أنقاض المنازل في مخيم "اليرموك" للاجئين الفلسطينيين بدمشق، وفي منطقة الحجر الأسود بريف دمشق، تخلق ذات المشكلة التي يعاني منها حي القابون. إزالة الأنقاض بشكل عشوائي أدت إلى إغلاق ثلاثة شوارع فرعية من أجل فتح طريق رئيس في منطقة مخيم اليرموك. أما في منطقة الحجر الأسود فتعاون المجتمع الأهلي ومجلس البلدية بإزالة الأنقاض، ورفع مجلس بلدية الحجر الأسود طلبات إلى محافظة ريف دمشق لتزويده بآليات خاصة لإزالة الركام الذي يبلغ مليون متر مكعب، وهو قابل للزيادة عند البدء بإزالة البيوت المتهالكة.

قال مدير الدفاع المدني السوري في دمشق وريفها، حسن الحسان، لعنب بلدي، إن منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) بدأت بالتعاون مع محافظة دمشق، في 27 من نيسان الحالي، لتنفيذ المرحلة الثانية من أنشطة إزالة الأنقاض في حي القابون بمدينة دمشق. وتتضمن هذه المرحلة أعمال فتح الطريق الحيوي الذي يربط بين حيي تشرين والقابون، إلى جانب فتح وتوسيع عدد من الطرقات الرئيسة والفرعية داخل حي القابون، بحسب الحسان. وأكد الحسان أن أعمال إزالة الأنقاض تسهم في تقليل المخاطر البيئية والصحية الناتجة عن تراكم الركام ومخلفات الدمار، وتفتح الباب أمام جهود إعادة البناء والاستقرار، مما يعيد الحياة تدريجيًا إلى الأحياء المنكوبة. وتعتبر إزالة الأنقاض من بين الخطوات الأساسية في مسار التعافي المبكر، حيث تسهم في تهيئة البيئة اللازمة لعودة السكان، وتسهيل وصول الخدمات الأساسية، وتوفير الظروف الآمنة. آليات للدفاع المدني السوري تفتح طريقًا فرعيًا في حي القابون بدمشق – 27 نيسان (الدفاع المدني السوري)

مدير لجنة التخطيط العمراني وإعادة الإعمار في محافظة دمشق، محمود هلال، أوضح لعنب بلدي أن عملية إزالة الركام لا يمكن البدء بها في مناطق معينة كجوبر، قبل إجراء مسح شامل وتمشيط هذه المناطق من مخلفات الحرب، والألغام الأرضية. وقال إن المحافظة تعمل على عودة آمنة لسكان المناطق المدمرة، بما يضمن حقوقهم، مشيرًا إلى أن إزالة الركام دون عودة منظمة للأهالي، يمكن أن تسبب بخلق أزمة عشوائيات. وتحتاج المحافظة إلى تنظيم العودة الآمنة وغير العشوائية، إضافة إلى دراسة سلامة إنشائية في المناطق المدمرة، أما إزالة الأنقاض فتعد عملية "بسيطة"، حسب تعبير هلال.

في 26 من نيسان الحالي، أعلن الاتحاد الأوروبي عن تمويل إزالة الألغام الأرضية في سوريا، وذلك في تغريدة نشرها القائم بأعمال الاتحاد الأوروبي، ميخائيل أونماخت، على منصة "إكس".  وعلى مدار 14 عامًا من الحرب في سوريا، اُستخدمت الألغام على من قبل نظام الأسد وأطراف أخرى كتنظيم "الدولة الإسلامية"، و"قوات سوريا الديموقراطية" (قسد). وتتمركز في مناطق ذات طبيعة جغرافية معينة كالبادية والأراضي الزراعية، ما يعرض الفلاحبن للخطر. وبشكل شبه يومي، تسجل سوريا على امتداد مساحتها ضحايا، إثر انفجار الألغام الأرضية، ما يعوق العمل الزراعي، والعودة الآمنة إلى بعض المناطق، وجهود إعادة الإعمار. وقتلت الألغام الأرضية وأصابت أكثر من 600 شخص، بينهم أطفال، منذ كانون الأول عام 2024، وفقًا لتقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" في 8 من نيسان الحالي. وارتفعت حوادث انفجار مخلفات الحرب منذ سقوط النظام السابق، في 8 من كانون الأول 2024، إثر بدء عودة السكان إلى المناطق التي كان يسيطر عليها النظام. وحددت فرق مسح مخلفات الحرب في "الدفاع المدني السوري" 95 حقلًا ونقطة تنتشر فيها الألغام ومخلفات الحرب، في المناطق المدنية وبالقرب من منازل المدنيين والحقول الزراعية والمرافق، في المدن والبلدات التي كانت تسيطر عليها قوات النظام السابق وحلفائهت في ريفي إدلب وحلب. وعثرت الفرق على عشرات حقول الألغام التي تحتوي على الألغام المضادة للآليات والمضادة للأفراد المحرمة دوليًا.

مشاركة المقال: