الإثنين, 1 ديسمبر 2025 01:06 PM

زيارة البابا إلى لبنان: دعم للوحدة الوطنية وتأكيد على دور لبنان الفريد

زيارة البابا إلى لبنان: دعم للوحدة الوطنية وتأكيد على دور لبنان الفريد

رلى ابراهيم: نجح رئيس الجمهورية جوزيف عون، أمس، في إحباط محاولات عزله التي بدأت مع بداية ولايته، وتصاعدت في الأسابيع الأخيرة من قبل قوى سياسية داخلية وخارجية. تمكن الرئيس عون من تبديد الحصار الذي سعى البعض لفرضه عليه، بادعاء فشله في تحقيق أهداف انتخابه، وذلك بإعادة لبنان إلى دائرة الضوء. تحقق ذلك أولاً من خلال تنظيم زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان، في أول زيارة خارجية له، وثانياً بتثبيت موقعه كرئيس للجمهورية في ظل الظروف الاستثنائية التي تشهد تهديدات إسرائيلية وحالة من التوتر الداخلي.

في مشهد نادر في لبنان، اكتظ المطار بالشخصيات الرسمية والسياسية والروحية والعسكرية، وتحول القصر الجمهوري إلى ساحة رحبة استقبلت جميع مكونات الدولة بتنوعها الطائفي واختلافاتها السياسية والفكرية والعقائدية. نقل هذه الصورة مئات الإعلاميين من مختلف أنحاء العالم الذين رافقوا البابا، محققين بذلك إنجازاً سياسياً للرئيس عون.

تمكن عون، الذي واجه مساعي خصومه لعزله قبل إكمال عامه الأول، وخاصة أولئك الذين اتهمهم بـ"بث السموم" لدى الأميركيين، من تعزيز ولايته بجرعة دعم بابوي وانفتاح سياسي يمهد لعهد جديد في طريقة عمله. اللافت كان استغراب النائبة ستريدا جعجع من داخل قصر بعبدا لعدم دعوة زوجها، رئيس حزب القوات، سمير جعجع، علماً أن الدعوات لم توجه لقادة الأحزاب السياسية.

من جهة أخرى، نجح حزب الله في تجاوز محاولات تهميشه. بخطوة بسيطة ولكن ذات دلالات عميقة، أثبت الحزب أنه جزء لا يتجزأ من النسيج اللبناني وأي نشاط عام، سواء كان دينياً أو سياسياً أو اجتماعياً، حتى في زيارة رأس الكنيسة الكاثوليكية. بدلاً من الاستسلام لدعاية السلام التي اعتبرت موجهة ضده، تمكن الحزب، عبر بيان وحضور رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» محمد رعد ونواب الحزب في الاستقبال، من تقديم صورة مختلفة عن تلك التي يروج لها البعض.

عزز الحزب تفاعله مع الزيارة بانتشار عناصر «كشافة المهدي» على طول طريق الشهيد عماد مغنية، المؤدي إلى قصر بعبدا، حاملين أعلام الفاتيكان وصور البابا مع عبارة «أهلاً بك في ضاحية السيد حسن نصرالله». وقد نقلت صفحة الفاتيكان بالعربية هذا المشهد، مما جعل الحزب جزءاً من الحدث اللبناني التاريخي، وأظهر انفتاحاً يكسر صورة «التطرف» التي يحاول البعض إلصاقها به.

بدوره، قدم رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى البابا كتاباً عن مسيرة المسيح في الجنوب بقلم كاتب إيطالي، وعرض له معاناة الجنوبيين من اعتداءات العدو الإسرائيلي اليومية واحتلاله للأراضي.

في خطابه، وجه عون رسائل عدة، مؤكداً على أن الحرية هي الأساس الذي قام عليه لبنان، وليست الطائفة. ورفض النظرة الطائفية للبنان، معتبراً أن «لبنان هو وطن الحرية لكل إنسان، والكرامة لكل إنسان. وطن فريد في نظامه حيث يعيشُ مسيحيون ومسلمون، مختلِفين، لكنّهم متساوون… هذه فرادة لبنان في العالم كله. وهذه دعوته لكل الأرض». كما أكد أن «إذا زالَ المسيحي في لبنان سقطت معادلة الوطن وسقطت عدالتُها. وإذا سقطَ المسلم في لبنان اختلّت معادلة الوطن واختلّ اعتدالها»، وهو ما يمثل نكسة لدعاة الفدرلة وخطاب اليمين المتطرف.

كلمة البابا كانت مكملة لعناوين رئيس الجمهورية، حيث ركز على المصالحة، وشفاء الذاكرة، والصمود في وجه الحروب والصعاب، مشيداً بتنوع لبنان. كما طالب السلطة السياسية بعدم الانفصال عن الشعب ووضع نفسها في خدمته، ورفض القرارات التي تتخذها الأقلية على حساب الخير العام.

أعطى البابا معنى جديداً للسلام بأنه «أن نعرف أن نعيش معاً في وحدة وشراكة، متصالحين بعضنا مع بعض، ونعمل معاً من أجل مستقبل مشترك». وحث الشباب على التشبث بأرضهم والمسؤولين ورجال الدين على القيام بواجبهم، مشيراً إلى دور أساسي للمرأة.

بعد الاستقبال، توجه البابا إلى مقر السفارة الباباوية في حريصا، في رسالة تظهر اهتمامه بالتفاصيل.

مصادر بعبدا أوضحت أن زيارة البابا ستكون صوتاً صارخاً إلى جانب لبنان واستقلاله، ودعمه للتركيبة اللبنانية. واعتبرت المصادر أن الزيارة تمثل احتضاناً وطنياً كاملاً لا يمكن لأي شخصية أخرى تحقيقه، وأن البابا لديه رؤية لتغيير كبير في الكنائس الكاثوليكية في الشرق.

مشاركة المقال: