الأحد, 21 سبتمبر 2025 04:41 PM

زيارة الشيباني إلى واشنطن: هل تستثمر سوريا التباين الأمريكي الإسرائيلي لتحقيق مكاسب؟

زيارة الشيباني إلى واشنطن: هل تستثمر سوريا التباين الأمريكي الإسرائيلي لتحقيق مكاسب؟

اختتم وزير الخارجية والمغتربين، أسعد حسن الشيباني، سلسلة لقاءات دبلوماسية مكثفة في واشنطن خلال اليومين الماضيين، مبدياً تفاؤله بشأن رفع العقوبات الأمريكية وإلغاء قانون قيصر بشكل كامل، في ظل تحسن مستمر في العلاقات بين البلدين.

وكان الشيباني قد وصل إلى واشنطن يوم الخميس الماضي في زيارة هي الأولى من نوعها لوزير خارجية سوري منذ 25 عاماً، واستمرت يومين. حملت الزيارة أبعاداً سياسية ودبلوماسية، وتزامنت مع فتح قنوات حوار مباشر بين دمشق وواشنطن بعد عقود من الانقطاع، وإعادة رفع العلم السوري في مقر السفارة في الولايات المتحدة.

أعرب وزير المالية محمد يسر برنية، أمس، عن سعادته بهذه الخطوة، مهنئاً برفع العلم فوق السفارة السورية في واشنطن، واعتبر إعادة فتح السفارة رسالة مهمة سياسياً واقتصادياً، مشيراً إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة السورية.

في تقييمه للزيارة، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوري حسام نجار، إن زيارة الوزير الشيباني لواشنطن أتت ضمن سياقين مهمين عملت عليهما الدبلوماسية السورية بقوة مع الداعمين العرب والإقليميين وتكلل لقاء الرئيس الشرع مع الرئيس الأمريكي في السعودية بكل تلك الخطوات فرفع العلم السوري على السفارة السورية في واشنطن أكبر دليل على المسار الصحيح الذي تسير به الدولة السورية.

من جانبه، رأى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوري أحمد مظهر سعدو، أن الزيارة مهمة جدا وكذلك ما أتى بعدها وهي زيارة الرئيس أحمد الشرع.. والواقع أنها أثمرت مباشرة عبر التوصل إلى حل حول قانون قيصر، وكذلك موضوع السويداء الذي تم توقيع الاتفاق عليه قبل ذلك، وقسد قريبا.

وواكبت وزارة الخارجية والمغتربين نشاطات الوزير الشيباني، الذي عقد لقاءات مع مسؤولين أمريكيين في وزارتي الخارجية والخزانة، ومع عدد كبير من أعضاء الكونغرس. ووفقاً للإخبارية السورية، فقد التقى الوزير بأعضاء الكونغرس الأمريكي، وكثف نشاطاته حيث التقى عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بينهم السيناتور ليندسي غراهام والسيناتور كريس فان هولن، إضافة إلى جين شاهين، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.

أعرب سعدو عن اعتقاده بأن الأمريكيين بصدد أن يسحبوا دعمهم لقسد وقد دخلت الحكومة السورية ضمن التحالف الدولي ضد داعش ومن ثم فإنه لم يعد هناك من ضرورة لوجود الشماعة التي تتمسك بها قسد وهي محاربة داعش.

أما نجار فيرى أن هناك تحولا في الرؤية الأمريكية لهذه الحكومة، كما أن حلفاء الدولة السورية ومجموعة الضغط السورية في أمريكا كان لهم دور فعال في تلك الخطوة، ناهيك عن الرسائل المتعددة التي أرسلت نتيجة رفع العلم وزيارة الشيباني.

ماذا عن المفاوضات مع إسرائيل؟

تحدث الرئيس السوري أحمد الشرع، منذ أيام، عن وساطة أمريكية في ملف المفاوضات مع إسرائيل مؤكدا وجود اختلاف بين موقف الاحتلال وموقف واشنطن من سوريا.

وفي تعليقه على سؤال حول ما إذا كانت الحكومة السورية تستفيد من هذا الاختلاف، قال سعدو إن الوساطة الأميركية وصولا إلى تفاهم أو اتفاق سوري إسرائيلي أمني قد آتت أكلها وأصبح الإعلان عن موعد التوقيع قريبا جدا وهو ماتريده أميركا وتحرص عليه سوريا، من أجل الالتفات إلى مسألة بناء الدولة السورية ومؤسساتها وإعادة توحيد البلاد.

أما عن الخلاف بين الإدارة الأميركية وإسرائيل، فلا يرى الكاتب السوري أنه يعكر صفو العلاقة بينهما.. فدائما تحرص أميركا على الوقوف إلى جانب إسرائيل رغم أي خلاف لأن المصلحة الأهم والاستراتيجية هي مع إسرائيل أولا وقبل أي دولة أخرى.

ومن المقرر أن يعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اجتماعا مع أعضاء حكومته، اليوم الأحد، لبحث الاتفاق الأمني المحتمل مع سوريا.

ويرى نجار أن واشنطن تعمل من خلال مصالحها حتى في تعاملها مع الكيان الصهيوني وتحاول الحكومة السورية على مختلف الصعد توضيح الرؤية السورية للحل في كل من السويداء والشمال الشرقي السوري من خلال طرح خارطة الطريق وإيداعها لدى الأمم المتحدة فرغم تدويل الموضوع إلا أنه يؤكد على الرغبة السورية بالحل السلمي للمواضيع الشائكة، يضاف لهذا.. المواقف الواضحة للمبعوث الأمريكي توماس باراك الذي ينقل لحكومته كل التحركات السورية التي يتم الاطلاع عليها عن كثب، كذلك مجموعة الضغط السورية في واشنطن و عملها الكبير رغم وجود مجموعات ضغط أخرى تريد للعلاقة الأمريكية السورية أن لا تتطور.

وأضاف أن الحكومة السورية في معظم خطواتها تسير وفق مصالح وطنية ونصائح من الحلفاء و الداعمين، في كل هذا الخطوات استطاعت الحكومة السورية توضيح طريقتها في الإدارة وهذا مناسب لأمريكا في معظمه.. كما نقول بشكل دائم إن المصالح هي التي تحكم تحرك الدول، والاختلاف الأساسي بين الرؤية الأمريكية والإسرائيلية في سوريا تنبع من رغبة الأولى التعامل مع رأس واحد مضمون أفضل من التعاون مع عدة رؤوس غير مضمونة، و التعامل مع حكومة واحدة تسيطر على كامل مقدرات الدولة أفضل من توزع هذه المقدرات.

وتعلم الولايات المتحدة أن الموقع الجيوسياسي لسوريا هام جداً لكونها تقع على طريق الحرير وهي صلة الوصل بين المنطقة العربية وأوروبا، فإن نصائح المستشارين الأمنيين والاستراتيجيين لترامب توجهه لعدم ترك المنطقة لروسيا والصين وإيران، حيث يريدون أن يحكموا السيطرة على هذه المنطقة من خلال الرعاية لها، فالأمريكيون يذهبون في رؤيتهم المستقبلية الاستراتيجية بينما إسرائيل تبحث عن رؤية أمنية ناتجة عن خوفها من الزوال وتثبيت وجودها في المنطقة، وتبحث أمريكا عن قاعدة لها داخل سوريا قد تكون في مطار الضمير العسكري فمن خلالها تحكم السيطرة أكثر فأكثر على كامل المنطقة بدءً من الخليج وصولاً لأطراف روسيا، وفقا لنجار.

ويرى المحلل السياسي السوري أن الحكومة السورية تحاول من أجل ما سبق، تعزيز علاقتها مع أمريكا من خلال توماس باراك أولاً، وحركتها الدبلوماسية النشطة ثانياً، ودعم الحلفاء العرب والإقليميين ثالثاً، وهي قادرة على الاستفادة من الاختلافات بين أمريكا وإسرائيل من خلال ما سبق.

وبحسب وكالة سانا، فقد بحث الشيباني مع المسؤولين الأمريكيين سبل تعزيز العلاقات الثنائية، ورفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، ولا سيما قانون قيصر.

وأكدت السيناتور شاهين في بيان رسمي، أن الوقت قد حان لمجلس الشيوخ للتحرك نحو إلغاء العقوبات، محذرة من أن استمرارها يعيق الاستثمار اللازم لإنعاش الاقتصاد السوري، ويهدد بدفع البلاد مجدداً نحو الصراع، وشددت على أن استقرار سوريا يصب في مصلحة الأمن الإقليمي والدولي.

وقد عقد الوزير الشيباني اجتماعاً موسعاً مع مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين ضمّ روجر ويكر، كريس كونز، جوني إرنست، جاكي روزن، ماركوين مولين، وريتشارد بلومنثال، وأشاروا إلى المصلحة المشتركة في بناء سوريا مستقرة ومزدهرة اقتصادياً، وأن العقوبات الحالية تعيق هذا المسار.

كما التقى الشيباني بعدد من مسؤولي وزارة الخزانة الأمريكية، بحضور المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك، وتركزت المحادثات على سبل إعادة ربط الاقتصاد السوري بالنظام المالي العالمي بشكل مسؤول وآمن، وتعزيز التعاون في مكافحة تمويل الإرهاب، والتقى أيضا بالنائب الأمريكي إيب حمادة.

وقال نائب وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر لاندو، الذي التقى الشيباني إن اللقاء تناول مستقبل سوريا، العلاقات السورية – الإسرائيلية، وتنفيذ اتفاق 10 آذار مع قوات سوريا الديمقراطية، إضافة إلى ملفات مكافحة الإرهاب والفرص الاقتصادية.

مشاركة المقال: