الأحد, 29 يونيو 2025 01:43 AM

سوريات في قبضة الخاطفين: تقرير يكشف عن 33 مفقودة وفدية تصل إلى 100 ألف دولار

سوريات في قبضة الخاطفين: تقرير يكشف عن 33 مفقودة وفدية تصل إلى 100 ألف دولار

أثار تقرير لوكالة رويترز حول اختطاف سوريات موجة تعاطف واسعة ومطالبات للسلطات بإيجاد حل سريع لهذه الظاهرة التي تهدد أمن النساء. العديد من النساء لم يعدن قادرات على الذهاب إلى مدارسهن أو أعمالهن دون خوف، والأمهات قلقات على بناتهن، حيث أصبح الخوف ملازماً لهن وتلاشت الثقة بسبب تكرار القصص التي تنتهي بالصمت أو الفقد.

بدأ التقرير بسرد قصة "عبير سليمان"، التي تلقت عائلتها اتصالاً عبر واتساب بعد ساعات من اختفائها في شوارع مدينة "صافيتا" بريف طرطوس في 21 أيار. قال المتصل: "لا تنتظروها، لن تعود"، وأضاف أن الشابة البالغة من العمر 29 عاماً "ستُقتل أو تُباع كعبدة ما لم يدفع أقاربها فدية قدرها 15 ألف دولار". تلقت العائلة اتصالاً آخر من "عبير" بتاريخ 29 أيار من نفس الرقم الذي يحمل رمزاً عراقياً، وأخبرتهم أن كل اللهجات من حولها غريبة. انتهت القصة بدفع العائلة مبلغ الفدية على شكل مبالغ بسيطة إلى شركات تحويل في إزمير التركية، ولكن بعد استلام المبلغ، لم تعد "عبير" ولم تسمع العائلة أي أخبار عنها.

الناشط يامن حسين: بالتأكيد، لدينا مشكلة حقيقية هنا، إن استهداف نساء الطرف المهزوم هو أسلوب إذلال استخدمه نظام الأسد في الماضي.

ذكرت رويترز أن "عبير" هي واحدة من 33 امرأة وفتاة على الأقل تتراوح أعمارهن بين 16 و39 عاماً، تم اختطافهن أو اختفائهن خلال العام الجاري عقب سقوط نظام "الأسد"، في محافظات طرطوس واللاذقية وحماة.

لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في سوريا، التي تم إنشاؤها منذ عام 2011 للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، قالت إنها تحقق في حالات الاختفاء المزعومة لنساء في سوريا بعد ارتفاع عدد التقارير هذا العام. وقال رئيس اللجنة "باولو سيرجيو بينيرو" في عرض قدمه لمجلس حقوق الإنسان الأسبوع الفائت، إن اللجنة وثّقت اختطاف 6 نساء على الأقل من قبل مجهولين، وأضاف: «مكان وجود اثنتين على الأقل من هؤلاء النساء لا يزال مجهولا، و اللجنة تلقت تقارير موثوقة عن المزيد من عمليات الاختطاف».

رويترز، التي التقت مع عائلات 16 من النساء المفقودات، ذكرت أن 7 منهنّ يُعتقد أنهنّ اختُطفن وتلقى أقاربهن مطالب فدية تتراوح بين 1500 و100 ألف دولار، وثلاث من المختطفات بينهنّ "عبير سليمان" أرسلن رسائل نصية أو صوتية لعائلاتهن يخبرنهن فيها بأنهنّ نُقلن إلى خارج سوريا. بينما لم ترد أي أنباء عن مصير التسع الأخريات، علماً أن 8 من النساء الـ16 تقل أعمارهنّ عن 18 عاماً.

وبحسب الوكالة، فإن جميع النساء وعائلاتهن امتنعن عن التعليق على ملابسات الحادثة، حيث عزت معظمهن ذلك إلى مخاوف أمنية، وقالت أغلب الأسر التي أجرت رويترز مقابلات معها إنها شعرت بأن الشرطة لم تأخذ قضاياها على محمل الجد عندما أبلغت عن اختفاء أو اختطاف أحبائها، وأن السلطات فشلت في التحقيق بشكل شامل، بينما ولم تستجب الحكومة السورية لطلب التعليق على هذه المقالة، كما ذكرت رويترز.

ونقلت الوكالة عن مسؤول الإعلام في محافظة طرطوس، "أحمد محمد خير"، قوله إن معظم حالات اختفاء النساء تعود إلى نزاعات عائلية أو أسباب شخصية وليس إلى عمليات اختطاف، نافياً أن يكون الاختطاف على أساس ديني، وعلّقت رويترز أن "خير" لم يقدم أي أدلة تدعم حديثه. وأضاف أن «النساء إما أن يُجبرن على الزواج من شخص لا يرغبن في الزواج منه فيهربن أو في بعض الأحيان يرغبن في لفت الانتباه من خلال الاختفاء»، وحذر من أن "الادعاءات غير المؤكدة" يمكن أن تخلق حالة من الذعر والخلاف وتزعزع الأمن.

كما نقلت عن مسؤول إعلامي في محافظة اللاذقية لم تذكر اسمه: «في كثير من الحالات تهرب النساء مع عشاقهن ويختلق الأهل قصص الاختطاف لتجنب الوصمة الاجتماعية»، بينما رفض مسؤول الإعلام في محافظة حماة التعليق، كذلك رفض أحد أعضاء لجنة تقصي الحقائق للتحقيق في مجازر الساحل التعليق.

الصحفي حازم داكل: نطالب بتحقيق مستقل، شفاف، وعادل في هذه الحوادث، وبموقف واضح من السلطات الجديدة، يضمن ألا تكون أي امرأة أو فتاة في سوريا الجديدة عرضة للاختفاء أو الابتزاز أو الخوف.

المدافع عن حقوق الإنسان، "يامن حسين"، قال إن معظم حالات الاختفاء وقعت بعد مجازر الساحل، مشيراً أنه وبحسب معلوماته فإنه لم يتم استهداف سوى نساء ينتمين إلى طائفة معينة، بينما هويات الجناة ودوافعهم ماتزال مجهولة. وأضاف: «بالتأكيد، لدينا مشكلة حقيقية هنا، إن استهداف نساء الطرف المهزوم هو أسلوب إذلال استخدمه نظام الأسد في الماضي».

وأظهرت المقابلات التي أجرتها رويترز مع عائلات النساء المفقودات أن معظمهن اختفين في وضح النهار، أثناء قيامهن بمهماتهن أو استخدام وسائل النقل العامة، كحال الشابة "زينب غدير" 17 عاماً التي اختفت خلال توجهها إلى المدرسة في بلدة الهنادي باللاذقية في 27 شباط، بحسب ما قاله أحد أفراد أسرتها مضيفاً أن خاطفها أرسل لهم رسالة نصية يحذرهم من نشر صورها عبر الإنترنت، وقال: «لا أريد أن أرى صورة واحدة لها وإلا أقسم بالله سأرسل لك دمها».

ومن بين الحالات التي تحدث عنها التقرير، كانت "خزامى نايف"، التي اختطفت في 18 آذار بريف حماة، وأعطاها الخاطفون وعددهم 5 مخدرات فأغمي عليها لمدة 5 ساعات، وأمضت المرأة البالغة من العمر 35 عاماً، 15 يوماً في الأسر بالوقت الذي تفاوض الخاطفون مع العائلة التي دفعت في النهاية 1500 دولار لتأمين إطلاق سراحها. كان حظ "خزامى" كبيراً، إذ عادت إلى المنزل، لكنها أصيبت بانهيار عصبي.

وبعد أيام من اختطاف "خزامى"، اختطفت مجموعة الشابة "دعاء عباس" من أمام باب منزلها وجروها إلى سيارة في الخارج ثم فروا في بلدة سلحب بريف حماة.

وأثار التقرير جدلاً واسعاً في السوشيل ميديا، وقال الصحفي في منشور له عبر فيسبوك معلقاً، إن قضية اختطاف النساء قضية وطن، وأضاف: «نطالب بتحقيق مستقل، شفاف، وعادل في هذه الحوادث، وبموقف واضح من السلطات الجديدة، يضمن ألا تكون أي امرأة أو فتاة في سوريا الجديدة عرضة للاختفاء أو الابتزاز أو الخوف، فقط لأنها من عائلة أو بيئة معينة.. العدالة لا تكتمل إن لم تشمل الجميع.. والسكوت عن الظلم، أياً كان مصدره، لا يصنع دولة حرة.. بل يعيد إنتاج الاستبداد بشكل آخر!»

بدورها الناشطة بحقوق الإنسان ، علقت بأن تقرير رويترز لن يكون الأخير، مضيفة عبر منشور لها: «هناك تحقيقات تقوم بها جهات عديدة دولية وحقوقية ومع هذا الحكومة لا تتعاطى بجدية، ويتم إما إهمال الشكاوى أو تغطيتها بروايات تحاول تمييع ما يحصل وتغطيته بقصص مستهلكة».

ودعت الحكومة إلى «محاسبة الجناة ووقف المهازل الإعلامية المرتبطة بهذه الانتهاكات الخطيرة التي لن نصمت عنها، هذه الجرائم يمتد أثرها على مجتمع كامل تنعزل به النساء وتخشين أن يخرجن من المنزل نتيجة لها».

مشاركة المقال: