الثلاثاء, 29 أبريل 2025 10:25 PM

سوريا بين مطرقة الضغوط الخارجية وسندان التحديات الداخلية: هل تنجح دمشق في المناورة؟

سوريا بين مطرقة الضغوط الخارجية وسندان التحديات الداخلية: هل تنجح دمشق في المناورة؟

تمثل الشروط الأمريكية الثمانية ضغوطًا تستدعي من الإدارة السورية إيجاد حلول ترضي أطرافًا داخلية وخارجية، رغم توقعها. أبدت دمشق استعدادًا لتلبية بعض المطالب، مع الحاجة لـ"تفاهمات متبادلة"، وفقًا لمسؤولين غربيين. وتسعى لتجنب القلق التركي بشأن ملفات أساسية، كشمال شرق سوريا. وفي الجنوب، تتوغل إسرائيل عسكريًا بسبب مخاوفها من التغيير في سوريا، معتبرةً دمشق محكومة من قبل كيان "جهادي متشدد".

هذه الملفات أثرت سلبًا على الواقع السوري، إذ توغلت إسرائيل جنوبًا، وعرقلت تركيا تفاهمات مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، ولم تقتنع الولايات المتحدة بعد برفع العقوبات.

مطالب خارجية بأكثر من اتجاه

تلخصت المطالب الأمريكية بثمانية بنود لـ"بناء الثقة" مقابل تخفيف العقوبات. وتضمنت الجوانب الأمنية والعسكرية، وتنظيم "الدولة الإسلامية"، والجهاديين الأجانب. الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، اعتبر أن أي فوضى في سوريا ستضر الجميع، وأن بعض الشروط الأمريكية "تحتاج إلى مناقشة أو تعديل".

تركيا طالبت أيضًا بتحقيق أربعة بنود داخلية، وهددت بعملية عسكرية ضد "قسد" بدعم أمريكي. شروط أنقرة هي: ألا تشكل تهديدًا لجيرانها، وألا تكون مأوى للإرهاب، وضمان حقوق الأقليات، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية. وأكدت أن إنهاء وجود تنظيم حزب (العمال) الكردستاني، و(وحدات حماية الشعب)، في سوريا له أهمية خاصة.

وطالب الاتحاد الأوروبي بإخراج روسيا من البلاد وإنهاء وجود قواعدها العسكرية، وهو ما لم تقبله دمشق.

خيارات صعبة

تعمل الإدارة السورية على تعزيز الأمن الداخلي قبل التفاهمات مع الأطراف الدولية، خصوصًا لطرد الجهات "الجهادية القوية". العقوبات الأمريكية تعيق الاستثمارات وإعادة الإعمار، مع الشروط المتعلقة بالتيار الجهادي.

الخبير مايكل أريزانتي يرى أن استمرار الوضع يشير لحوار بين دمشق وواشنطن، مع إمكانية تخفيف العقوبات في حال استيفاء الشروط. دمشق تواجه خيارات صعبة بين تعميق العلاقات مع روسيا والصين ومصالح الخليج، والتواصل مع الغرب دون تنفير الداعمين الآخرين.

ويرى أريزانتي أن الشرع لا يستطيع تخليص سوريا تمامًا من التدخل الأجنبي، لكنه قلل من تأثيره. تشكيل تحالف إقليمي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" وتهميش المتطرفين قلّل من حرية "الشبكات الجهادية الأجنبية".

في آذار الماضي، شكلت سوريا وتركيا والأردن والعراق تحالفًا لمحاربة تنظيم "الدولة" الذي أعلن عن عدائه للإدارة السورية الجديدة.

هل الشرع مستعد للانخراط

خلال حديثه مع صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، قال الشرع، إن حكومته ستنظر في منح الجنسية السورية للمقاتلين الأجانب المقيمين في البلاد منذ سنوات، والمتزوجين في بعض الحالات من مواطنين سوريين، والذين “انضموا إلى الثورة”.

الشرع انتهج استراتيجية احتواء مبنية على تهميش المتطرفين وتقديم عفو محدود. ويرى أريزانتي أن خلفية الشرع وولاء القادة له يعني أن أي محاولة لتطهير الإدارة السورية من الأطراف الجهادية قد تُهدد بتفتيت ائتلافه العسكري- السياسي الحاكم.

ويرى أريزانتي أن الاستقلال التام عن النفوذ الخارجي لا يزال بعيد المنال، لكن الدبلوماسية المستمرة والإصلاحات المحددة، والتنازلات الحذرة، تعني أن سوريا قادرة على تخفيف التدخل بما يكفي لاستعادة الاستقرار الأساسي.

واعتبر أن الشرع أظهر قدرة واضحة على مواجهة “تحديات معقدة” بفعالية، بسبب نهجه البراغماتي الذي يعتمد على موازنة العلاقات الإقليمية مع تحسين الأمن الداخلي بشكل مطرد، وهو ما يمثل أفضل أمل لسوريا على طريق استعادة السيادة والاستقرار الحقيقيين.

مشاركة المقال: