السبت, 23 أغسطس 2025 09:36 AM

سوريا تتجه نحو إصدار عملة جديدة وحذف صفرين من الليرة لمواجهة التحديات الاقتصادية

سوريا تتجه نحو إصدار عملة جديدة وحذف صفرين من الليرة لمواجهة التحديات الاقتصادية

كشفت مصادر مطلعة ووثائق اطلعت عليها وكالة "رويترز" أن سوريا تعتزم إصدار أوراق نقدية جديدة مع حذف صفرين من عملتها الوطنية، وذلك في محاولة لإنعاش الثقة في الليرة السورية التي فقدت أكثر من 99% من قيمتها منذ اندلاع الحرب عام 2011.

يأتي هذا التوجه في أعقاب انهيار القوة الشرائية للعملة إلى مستويات غير مسبوقة، حيث بلغ سعر صرف الدولار نحو 10 آلاف ليرة مقارنة بـ 50 ليرة قبل الحرب. هذا التراجع الحاد جعل المعاملات اليومية تحديًا للمواطنين، حيث تحمل الأسر أكياسًا ممتلئة بأوراق نقدية من فئة 5000 ليرة، وهي أعلى فئة متاحة حاليًا، لشراء احتياجاتها الأساسية.

خطة لإصلاح العملة

وفقًا لوثيقة رسمية، أبلغ مصرف سوريا المركزي البنوك التجارية في منتصف أغسطس/آب بخطته لإصدار العملة الجديدة مع "حذف الأصفار" لتسهيل المعاملات وتعزيز الاستقرار النقدي. وأكدت خمسة مصادر مصرفية ومسؤول اقتصادي سوري أن القرار يتضمن حذف صفرين من العملة، مشيرين إلى أن نائب محافظ المصرف المركزي، مخلص الناظر، ترأس اجتماعات لمناقشة آليات الإصلاح.

ورفضت شخصيات مصرفية وحكومية، من بينها مسؤولة في المصرف المركزي، التعليق على الخطوة، بينما لم يتضح بعد ما إذا كان القرار سيحتاج إلى موافقة تشريعية. يأتي ذلك في وقت تستعد فيه البلاد لإجراء انتخابات تشريعية في سبتمبر/أيلول المقبل.

تعاون مع روسيا لطباعة العملة

أفادت ثلاثة مصادر مصرفية بأن سوريا اتفقت مع شركة "جوزناك" الروسية الحكومية على طباعة الأوراق النقدية الجديدة، بعد مباحثات أجراها وفد سوري رفيع في موسكو أواخر يوليو/تموز. وسبق للشركة الروسية أن تولت طباعة العملة السورية خلال فترة حكم بشار الأسد.

أبعاد اقتصادية ورمزية

يرى خبراء أن إصدار العملة الجديدة يستهدف أيضًا السيطرة على نحو 40 تريليون ليرة متداولة خارج النظام المالي الرسمي، مما يتيح للحكومة تعزيز رقابتها على التدفقات النقدية.

كما يحمل القرار بعدًا رمزيًا؛ إذ يتيح إزالة صور عائلة الأسد عن الأوراق النقدية، بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي. فالورقة فئة 2000 ليرة تحمل صورة بشار، فيما تتزين الورقة فئة 1000 ليرة بصورة والده حافظ الأسد.

وتشير الخطط إلى إطلاق حملة إعلامية خلال الأسابيع المقبلة، على أن يبدأ التداول الرسمي للعملة الجديدة في 8 ديسمبر/كانون الأول، بالتزامن مع الذكرى الأولى لسقوط النظام السابق. وستكون هناك فترة انتقالية مدتها عام كامل تسمح بتداول العملة القديمة والجديدة حتى ديسمبر/كانون الأول 2026.

تحديات التنفيذ

طلب المصرف المركزي من البنوك الاستعداد عبر توفير تجهيزات تقنية مثل كاميرات المراقبة، ماكينات عدّ النقود، وسعة تخزين إضافية، مع اختبار الأنظمة الآلية للتأكد من قدرتها على التعامل مع الأوراق الجديدة.

لكن محللين يرون أن الإصلاح قد يربك المستهلكين، خصوصًا كبار السن، في ظل غياب خطة تنظيمية شاملة أو سيطرة كاملة للحكومة على جميع الأراضي السورية.

الخبير الاقتصادي السوري كرم شعار، المستشار لدى الأمم المتحدة، وصف الخطوة بأنها تحول سياسي ضروري للتخلص من رمزية حكم عائلة الأسد، لكنه حذر من التكلفة الباهظة لعملية إعادة تقييم العملة، والتي قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات. واقترح بدلاً من ذلك إصدار فئات نقدية أكبر (مثل 20 ألفًا أو 50 ألفًا) لتحقيق الهدف نفسه من تسهيل التعاملات، ولكن بتكلفة أقل.

مشاركة المقال: