الجمعة, 8 أغسطس 2025 02:03 AM

سوريا وتركيا توقعان اتفاقيات لتعزيز التكامل الاقتصادي وتطوير التبادل التجاري

سوريا وتركيا توقعان اتفاقيات لتعزيز التكامل الاقتصادي وتطوير التبادل التجاري

وقعت سوريا وتركيا أكثر من عشر مذكرات تفاهم وبروتوكولات تأسيسية بين مؤسسات رسمية وخاصة من الجانبين، وذلك بهدف تعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدين. وشملت الاتفاقيات التوقيع على بروتوكول تأسيس اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة، بالإضافة إلى مذكرات تفاهم في مجالات الإدارة والتنمية، والنقل والجمارك.

جاء ذلك خلال زيارة قام بها وزير الاقتصاد والصناعة السوري، نضال الشعار، إلى العاصمة التركية أنقرة، حيث التقى بوزير التجارة التركي، عمر بولات، ورئيس اتحاد الغرف والبورصات التركية، رفعت حصارجيكلي أوغلو، ضمن "اجتماع الطاولة المستديرة التركي-السوري" الذي عُقد في مقر الاتحاد بأنقرة.

ونقلت وزارة التجارة التركية عن الشعار قوله إن العلاقات بين أنقرة ودمشق قديمة ولا يمكن فصل البلدين بسبب موقعهما الجغرافي، وأضاف: "نريد أن يحتضن الاقتصاد الجميع من خلال الإنتاج المشترك مع تركيا، وتشغيل أسواقنا بشكل متكامل، والاستثمار المتبادل، ونرى في تركيا شريكًا استراتيجيًا".

من جهته، أكد وزير التجارة التركي، عمر بولات، أن وجود إدارة واقتصاد سوريين قويين ومرنين سيسهم في استقرار المنطقة بأسرها، مشيراً إلى أن هذه الزيارة تمثل إشارة بالغة الأهمية نحو رؤية شراكة اقتصادية متينة.

وأشار بولات إلى الأجواء الإيجابية التي تسود العلاقات الاقتصادية بين سوريا وتركيا في المرحلة الجديدة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 1.9 مليار دولار أمريكي في غضون سبعة أشهر من العام الحالي، مقارنة بـ 2.6 مليار دولار أمريكي خلال عام 2024. وتهدف الاتفاقيات إلى رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى خمسة مليارات دولار على المدى القصير، بحسب وزارة التجارة التركية.

لجنة اقتصادية مشتركة

حضر وزير التجارة التركي ووزير الاقتصاد والصناعة السوري حفل توقيع بروتوكول تأسيس "اللجنة الاقتصادية والتجارية التركية السورية المشتركة" (جيتكو) الذي أقيم في وزارة التجارة التركية. وتهدف اللجنة، التي ستُعقد اجتماعاتها قريبًا برئاسة وزيري اقتصاد البلدين، إلى إدارة وتنسيق العلاقات الاقتصادية في جميع مجالاتها ووضع خرائط طريق مشتركة لمشاريع التعاون المقبلة. وتمثل هذه اللجنة "إطارًا مؤسساتيًا شاملًا" لتطوير العلاقات الاقتصادية في مختلف القطاعات، من التجارة والصناعة إلى البنى التحتية والطاقة، بحسب وزارة التجارة التركية.

اتفاقيات لزيادة حجم التجارة

وقع الطرفان خلال الزيارة مذكرة تفاهم في مجال التنمية الإدارية، تهدف إلى "تعزيز البنية المؤسسية في سوريا، ورفع كفاءة الخدمات العامة"، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في مشاريع البنية التحتية، وإعادة تأهيل الطرق والجسور وسكك الحديد، وفتح الباب أمام شركات المقاولات التركية للمشاركة في مشاريع إعادة الإعمار باستخدام نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وصيغ "التمويل – البناء – التشغيل"، بحسب "التجارة التركية".

وفي مجال الجمارك، أعلن وزير التجارة التركي، عمر بولات، عن نية البلدين تحسين المعابر الحدودية وتطوير آليات التعاون بين إدارات الجمارك، مشيرًا إلى أن الشاحنات التركية لن تكون مضطرة بعد الآن لتبديل المقطورات عند الحدود، ما يعني تسريع العمليات اللوجستية وتخفيض التكاليف. وأضاف بولات أن حلب ستصبح قاعدة لوجستية قوية، وسيتم إعادة تفعيل ممرات النقل في سوريا، واستئناف إمكانيات النقل العابر (الترانزيت) إلى دول الخليج.

وطرح الجانب التركي مقترحًا للتفاوض على "اتفاق شراكة اقتصادية شاملة من الجيل الجديد" مع سوريا، بدلًا من اتفاق التجارة الحرة السابق الذي جُمد بعد عام 2011.

مجلس أعمال ومشاريع طاقة

أعلن الطرفان خلال الاجتماع عن إعادة تأسيس "مجلس الأعمال التركي – السوري" تحت مظلة مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية (DEIK)، ليكون منصة دائمة لربط رجال الأعمال من الجانبين وتبادل المقترحات الاستثمارية. وتطرق بولات إلى مشروع الطاقة المشترك، مذكّرًا بتفعيل خط الغاز الطبيعي "كلس- حلب" بقدرة يومية تصل إلى 6 ملايين متر مكعب، مشيراً إلى أن الخطوة المقبلة ستشمل مشاريع محطات كهرباء مشتركة.

واتفق الطرفان على إطلاق تعاون في مجال إعادة بناء القطاع الصناعي السوري، عبر دراسات تُنفذ في مناطق صناعية تركية متقدمة مثل المنطقة الصناعية في "جبزي" ومركز "MEXT " للتكنولوجيا الذكية.

شراكة لا هيمنة

أكد أستاذ التمويل والاقتصاد في جامعة "اسطنبول صباح الدين زعيم"، ورئيس الأكاديمية الأوروبية للتمويل والاقتصاد الإسلامي (إيفي)، الدكتور أشرف دوابة، أن الوصول إلى 5 مليارات دولار من التبادل التجاري في الأجل القصير أمر صعب، ولكنه ممكن في الأجل المتوسط. ويرى دوابة أن فرص نجاح النموذج التركي في عملية إعادة إعمار سوريا يمكن أن تتحقق من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتفعيل نظام (BOT).

ويرى أستاذ التمويل والاقتصاد أن سوريا وتركيا بطريقهما نحو نوع من التكامل الاقتصادي الذي من شأنه أن يعود بالنفع على الجانبين، ولا يمكن اعتباره هيمنة اقتصادية تركية على الاقتصاد السوري، بل هي شراكة اقتصادية قائمة على معيار المصالح المتبادلة والمتوازنة.

ما اتفاقية التجارة الحرة

جمّدت كل من سوريا وتركيا العمل باتفاقية التجارة الحرة في نهاية عام 2011 إثر توتر الأوضاع بين البلدين على خلفية الثورة السورية. جرى توقيع الاتفاقية في عام 2004، ودخلت حيز التنفيذ في عام 2007، وأدّت الاتفاقية إلى رفع حجم التبادل التجاري سنويًا بحدود 30%.

مشاركة المقال: