في شهادة تكشف المزيد عن الأهوال التي جرت داخل مشفى 601 العسكري سيئ السمعة، يروي المعتقل السابق "سمير السعدي" لـ"زمان الوصل" تفاصيل مروعة عاشها في هذا المكان الذي تحول إلى مسرح يومي للتعذيب والموت، وذلك قبل أشهر من تسريب صور "قيصر".
السعدي، من مدينة درعا (مواليد 1988)، كان طالبًا في السنة الرابعة بكلية الإعلام عندما اعتُقل في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 من مدينة داريا، بعد ورود اسمه على حاجز يتبع للمخابرات الجوية. نُقل بدايةً إلى مطار المزة العسكري، حيث احتُجز في مهجع يُعرف بـ"أبو زيد"، وهناك بدأت فصول من العذاب اليومي بالتحقيق والتعذيب، أصيب خلالها بالتهاب حاد في النسيج الخلوي لقدمه.
"الطبيب المعتقل"... يداوي بلا أدوات
داخل الفرع، التقى السعدي بطبيب شاب معتقل يدعى "كنان طيلوني"، اعتُقل مطلع نوفمبر من مشفى "المجتهد"، وكان يحاول التخفيف عن المعتقلين بوسائل بدائية. صنع كمادات من الجوارب، وأسعف جروحهم بقطن ممزق وثياب، قبل أن يلقى حتفه لاحقًا تحت التعذيب.
من أقبية التعذيب إلى مشفى الموت
في 16 كانون الأول 2011، نُقل السعدي إلى مشفى 601. هنا بدأت معاناة من نوع آخر. في هذا المبنى الطبي المفترض، لم يكن العلاج هدفًا، بل شكلًا آخر من أشكال التعذيب المنهجي. كانت قدمه المصابة مكبّلة بالسلاسل إلى السرير الحديدي ليلاً ونهاراً، ولم يُسمح له بإزالة الأغطية المخصصة للمعتقلين.
أحد أبرز من عايشهم السعدي هناك كان الطبيب العسكري "غسان حداد"، الذي تولى إدارة المشفى لاحقًا. روى أنه سمعه ذات ليلة يتهكم على مظاهرات الغوطة الشرقية، ويصف المتظاهرين بـ"الخنازير" قائلاً: "السيد الرئيس قلبه كبير.. هي الحيوانات لازم نواجهها بالطيران".
بحسب موقع "مع العدالة"، يُعد العميد "غسان حداد" من أبرز المشاركين في جرائم النظام، إلى جانب العقيدين "طه الأسعد" و"حسين ملوك" والمساعد "محمد ديوب"، حيث أشرفوا على تصفية المعتقلين الجرحى بعد تعذيبهم بوحشية.
تعذيب مزاجي... لا ينتهي
لم تكن حفلات التعذيب مرتبطة بالتحقيق أو محاولة انتزاع اعترافات، بل كانت "مزاجية"، كما وصفها السعدي. يروي أن ممرضًا يدعى "محمود سليمان" كان يباشر جولته الصباحية بشتائم وضرب، خاصة إذا كان ضغط المعتقل منخفضًا، حتى إنه هدده بالقتل في حال لم يتحسن.
معتقلون مرضى.. ضحايا الإهمال والتعذيب
من بين المعتقلين الذين التقى بهم السعدي داخل المشفى، رجل من القابون في الستين من عمره كان يعاني من مشكلة في صمام القلب، وامرأة اعتُقلت فقط لأنها زغردت أثناء جنازة شهيد، إضافة إلى شاب مكسور الأضلاع واصل الجلادون ضربه على موضع إصابته دون رحمة.
زمان الوصل