السبت, 7 يونيو 2025 11:33 PM

صدام العمالقة: لماذا انتهت علاقة ترامب وماسك بالطلاق المرير؟

صدام العمالقة: لماذا انتهت علاقة ترامب وماسك بالطلاق المرير؟

ممدوح المهيني في واحدة من فوراته العاطفية، كتب ماسك قبل أشهر على منصته «إكس»: «أحب ترمب كما يحب رجل معتدل رجلاً آخر». ومنذ ذلك الوقت، نراه مع طفله برفقة ترمب أكثر مما نرى الرئيس مع زوجته وابنه بارون. ومع ذلك، فإن هذا الود والانجذاب الشخصي كان في حقيقته مبنياً على أسس هشّة من المصالح والمنافع المتبادلة.

كان من المتوقع أن تنتهي هذه العلاقة الملغّمة سريعاً، لكن ليس بالطريقة المريرة والقبيحة التي انتهت بها، حين اتهم ماسك رئيسه السابق بعلاقة مع سيّئ السمعة جيفري إبستين، وطالب بإطاحته.

ترمب، المعروف بطرده موظفيه بطريقة مهينة دون حتى أن يعلموا، ويصفهم بـ«المغفلين»، لم يكن قادراً على التعامل بالأسلوب نفسه مع أغنى رجل في العالم. فإيلون ماسك ليس رجلاً عادياً، وقد لعب دوراً حاسماً في إعادة انتخاب ترمب. ولهذا حاول ترمب إخراجه بطريقة لائقة وبأقل الأضرار. وفي حفل وداع رسمي باهت، أمام الصحافيين في المكتب البيضاوي، سلّم لماسك، الذي يعيش حالة من الاضطراب، مفتاحاً ذهبياً تكريماً لنهاية خدمته. وفي كلماته الأخيرة، قال ماسك إنه سيبقى داعماً وصديقاً لترمب، الذي حاول، رغم تصريحات ماسك، امتصاص الغضب وتهدئة الأجواء المشحونة. لكن لم تمضِ سوى أيام قليلة حتى شنّ ماسك هجوماً عاصفاً ومنفلتاً على رئيسه السابق، مؤكداً أنه لم يكن يعني ما قاله أمام الملايين.

ماسك شخصية عاطفية وهائجة، يصعب احتواؤها. وهذا أحد أسباب الخلافات بينه وبين ترمب، والتي أدّت إلى هذا الطلاق القبيح. فإذا كان ترمب يسعى إلى تقويض المؤسسات والدولة العميقة، فإن ماسك يتحرّك خارج المؤسسات تماماً، ولا يلتزم أياً من تقاليد الدولة. ترمب، رغم تمرّده على واشنطن ونخبتها، احتفظ ببعض القواعد ولم يتحوّل قوة تدميرية مطلقة. فهو، في النهاية، رئيس أميركا. أما ماسك، فلم يعمل في الحكومة يوماً، لكنه يريد أن يغيّرها كما يغيّر إدارات شركاته، من دون رقابة أو محاسبة. وقد أثار صدامه مع أعضاء في إدارة ترمب، بسبب هيئة الكفاءة الحكومية المعروفة بـ«دوج»، الكثير من الجدل. استخدم أسلوباً إدارياً قاسياً، ورغم دعم ترمب العلني له في البداية، فإن نتائج حملته لفصل الموظفين أضرّت بصورة ترمب السياسية، ولم تحقق الوفورات المالية المطلوبة. كان مشروعاً فوضوياً محكوماً عليه بالفشل منذ لحظته الأولى.

الخلاف الآخر بين ماسك وترمب يكمن في نظرتهما للعالم. بعد فوز ترمب، دخل ماسك في نوبات احتفال هستيرية، وأعلن أن هذا الانتصار سيخدم الحضارة الإنسانية والمصلحة البشرية. دوافع ماسك كونية ومثالية، بينما ترمب يتحدث عن المصالح الفردية، و«أميركا أولاً»، وأسعار البيض والتعريفات الجمركية. وبينما يرى ماسك أن نصر ترمب يمثل نقطة تحوّل في تاريخ البشرية، كان ترمب مشغولاً بمهاجمة بايدن وإلقاء اللوم عليه. الخلاف بينهما كان صراعاً بين المثالية المفرطة والواقعية الأنانية، بين الرومانسية الحالمة والمادية الجافة.

ولهذا كله، لم يكن الطلاق مفاجئاً، بل خاتمة منطقية لعلاقة هشّة بين شخصيتين لم يكن يفترض أن تلتقيا من الأساس.

مشاركة المقال: