الأحد, 19 أكتوبر 2025 01:06 AM

صراع الاستثمار: هل يتفوق الذهب على العقار كملاذ آمن في سوريا؟

صراع الاستثمار: هل يتفوق الذهب على العقار كملاذ آمن في سوريا؟

في أوقات الأزمات الاقتصادية والتقلبات السياسية، يعتبر الذهب أحد أهم الأصول التي يلجأ إليها المستثمرون والأفراد على حد سواء، وذلك لقدرته على الحفاظ على قيمة المدخرات. ومع وصول سعر الأونصة في سوريا إلى 4300 دولار، يشهد سوق الذهب ارتفاعاً ملحوظاً يعكس الأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية.

يثير هذا الارتفاع تساؤلات حول استدامته وما إذا كان الذهب يمثل الخيار الأمثل للمستثمر السوري مقارنة بالعقارات، التي لطالما كانت الوجهة التقليدية للاستثمار طويل الأجل.

أوضح الدكتور عبدالرحمن محمد، أستاذ التمويل والمصارف في كلية الاقتصاد بجامعة حماة، أن ارتفاع أسعار الذهب في سوريا يعود إلى عوامل خارجية وداخلية. فعلى الصعيد العالمي، تأثر الذهب بزيادة الطلب عليه كملاذ آمن نتيجة للتوترات الجيوسياسية والتضخم العالمي، بالإضافة إلى ضعف الدولار الأمريكي. أما على الصعيد المحلي، تلعب السياسة النقدية السورية، التي تتسم بضعف الليرة السورية وارتفاع سعر الصرف، دوراً كبيراً في تضخيم أسعار الذهب. كما أن ضعف القوة الشرائية وزيادة الإقبال على الذهب كوسيلة للحفاظ على القيمة في ظل تدهور الاقتصاد المحلي يعزز هذا الارتفاع.

أكد الدكتور محمد أن الذهب يعتبر اليوم استثماراً أكثر مرونة وسهولة للمواطن السوري مقارنة بالعقارات، حيث يتطلب دخول سوق الذهب رأس مال أقل بكثير، مما يجعله خياراً متاحاً للمدخرات الصغيرة والمتوسطة. كما يتميز الذهب بسيولته العالية وإمكانية بيعه بسهولة في أي وقت، على عكس العقارات التي تتطلب وقتاً أطول لإتمام عمليات البيع والشراء. وعلى الرغم من أن تذبذب أسعار الذهب قد يشكل مخاطرة، إلا أنه يظل أقل تعقيداً من التحديات التي تواجه السوق العقارية، مثل ارتفاع التكاليف وصعوبة التمويل.

يرى الدكتور محمد أن الذهب قد تفوق على العقار كملاذ آمن للمدخرات الصغيرة والمتوسطة، نظراً لسهولة تداوله وانخفاض تكلفة الدخول إليه مقارنة بالعقارات. ومع ذلك، لا يزال الاستثمار العقاري يحتفظ بجاذبيته على المدى الطويل، خاصةً أنه يعتبر من الأصول التي تزداد قيمتها مع مرور الوقت ويوفر دخلاً ثابتاً من خلال الإيجارات. لذا، يعتمد الاختيار بين الذهب والعقار على حجم رأس المال وأهداف المستثمر، حيث يفضل الذهب للمدخرات قصيرة الأجل والعقار للاستثمارات طويلة الأجل.

أشار الدكتور محمد إلى أن المخاطر الرئيسية للاستثمار في الذهب تشمل تقلبات الأسعار العالمية التي قد تؤدي إلى خسائر في حال انخفاض الأسعار بشكل مفاجئ. كما أن سياسات التسعير المحلية في سوريا، التي تتأثر بسعر الصرف والضرائب المفروضة على الذهب، قد تزيد من تكلفة الاستثمار. ولتقليل هذه المخاطر، نصح المستثمر الفرد بشراء الذهب من مصادر موثوقة، ومتابعة حركة الأسعار العالمية والمحلية باستمرار، وتجنب الشراء في أوقات الذروة السعرية. كما يفضل تنويع المحفظة الاستثمارية وعدم الاعتماد على الذهب فقط.

أكد الدكتور محمد أنه من المتوقع أن يشهد سلوك المستثمرين السوريين تحولاً نحو الذهب على حساب العقار، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تجعل الاستثمار في العقارات أكثر صعوبة. ومع ذلك، سيبقى السوقان متكاملين على المدى الطويل، حيث يفضل المستثمرون تنويع أصولهم بين الذهب والعقار لتحقيق التوازن بين السيولة والأمان والاستقرار. فالذهب يعتبر خياراً مثالياً للمدخرات قصيرة الأجل، بينما يفضل العقار للاستثمارات طويلة الأجل.

كرأي أكاديمي اقتصادي، يرى الدكتور محمد أنه في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، يبرز الذهب كخيار استثماري مرن وآمن للمواطن السوري، خاصةً مع ارتفاع أسعاره عالمياً ومحلياً. ومع ذلك، فإن الاستثمار في الذهب لا يخلو من المخاطر، مما يتطلب من المستثمرين دراسة السوق بعناية واتخاذ قرارات مدروسة. وعلى الرغم من التحول الملحوظ نحو الذهب، يظل العقار خياراً استراتيجياً على المدى الطويل، مما يعزز أهمية تنويع الأصول لتحقيق الاستقرار المالي.

محمد راكان مصطفى _ الوطن

مشاركة المقال: