الثلاثاء, 7 أكتوبر 2025 12:35 AM

علي صقر: المسرح مرآة السخرية السوداء ونافذة على الواقع الإنساني

علي صقر: المسرح مرآة السخرية السوداء ونافذة على الواقع الإنساني

الأديب والمسرحي علي صقر، اسم لامع في سماء الأدب، يفضل الابتعاد عن الأضواء، لكنه ترك بصمة واضحة في الوجدان والذاكرة، من خلال إبداعاته في القصة والمسرح والكتابة الصحفية. يلقبه أهل المسرح في طرطوس بـ (شيخ الكار) و (مجنون المسرح)، وهو أول من أقام مهرجاناً مسرحياً بعد التحرير بالتعاون مع مسرح الحارة من إدلب (سراقب) للفنان وليد أبو رشاد. كتب وأخرج ومثّل مسرحية مونودراما تحت عنوان: (طريق طرطوس – دمشق سالك بالحب)، وقدمها في المقاهي والمشافي وعلى شاطئ البحر.

يضم رصيده الإبداعي مجموعات قصصية مثل (بروق ودكان الصدمة وقصة التسعينيات)، وفي المسرح قدم (مسرحية هذيان ومسرحية لهاث) من تأليفه وإخراجه، بالإضافة إلى (مسرحية العربة ومسرحية انكسارات).

إجابات مسرحية

يرى علي صقر أن المسرح ليس مجرد تقديم إجابات جاهزة، بل هو حوار مفتوح مع المتلقي، وشراكة في الرؤية والإبداع. يسعى صقر إلى تفكيك الوجود الإنساني من خلال السخرية السوداء، ويقدم رؤية فنية للإنسان العربي في ظل اللااستقرار. أسئلته مؤلمة وكاشفة، لكنها تطرح بذكاء مرير، يعكس معرفة عميقة بأزمنة الانهيارات والانكسارات والخيبات.

قصص قصيرة

في قصصه القصيرة جداً، يسجل صقر نبض الإنسان وعزلته وسخطه. ففي إحدى قصصه يقول: "بعد أن امتلك أسطولاً من السيارات الفارهة، مات دهساً تحت عجلات دراجة هوائية". وفي أخرى: "تزوج البحر الأبيض من البحر الأحمر، فأنجبا البحر الأسود حزناً على البحر الميت". إنه يجسد قدرة فريدة على تحويل السخرية السوداء إلى رؤية للعالم، تجعل من الأدب والمسرح وثيقة إدانة وجودية واجتماعية.

يستخدم صقر التكثيف والانزياح في كتابة القصة القصيرة جداً، لخلق لحظة صدمة تقلب المعنى رأساً على عقب. هذه الانزياحات تعكس عبثية الواقع وتناقضاته، وتستمد مواضيعها من الحياة اليومية للفرد العادي، لتكشف عن القهر الكامن فيها. شخصياته مغتربة ومحبوسة في دوامة من الروتين والقهر والأسى.

سخرية سوداء

يمثل علي صقر نموذجاً للمثقف السوري المتعدد المواهب، الذي ينطلق من طرطوس لينفتح على عوالم إنسانية ووجودية أوسع. يقدم مشروعاً إبداعياً قائماً على النقد الاجتماعي الساخر، وتفكيك واقع الإنسان العربي في ظل الظروف المعقدة. السخرية ليست للترفيه، بل هي آلية دفاع نفسي أمام قسوة الحياة. القارئ يبتسم ابتسامة مريرة عند نهاية كل قصة، لأنه يرى جزءاً من واقعه منعكساً في المرآة المشوهة.

المسرح هو الحقل الأكثر خصوبة لتجليات السخرية السوداء عند علي صقر. فعناوين مسرحياته وحدها تشكل مدخلاً تحليلياً قوياً: (مسرحية هذيان) تعكس عالماً غير متماسك، تتداخل فيه الحقيقة بالوهم. (مسرحية لهاث) تجسد حالة الانشغال الدائم والجري وراء سراب. (مسرحية العربة) ترمز للحياة كرحلة جماعية أو للنظام الاجتماعي كعربة تسير في طريق محدد. أما (مسرحية انكسارات) فتلخص فلسفة صقر النقدية، حيث العالم سلسلة من الانكسارات على مستوى الفرد والجماعة.

يرفض علي صقر الكتابة الواقعية التقليدية، ويبحث دائماً عن الزاوية المائلة والرؤية المغايرة التي تكشف الجوهر. وهو الآن يعمل على مسرحية (ملك ليوم واحد) للأديب نواف يونس.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: