الأحد, 8 يونيو 2025 06:19 AM

عيد الأضحى في سوريا: أصالة الماضي تتحدى الظروف وتوحد السوريين

دمشق-سانا: عيد الأضحى المبارك في سوريا يمثل مزيجًا فريدًا من الاحتفالات الدينية والتقاليد الاجتماعية العريقة، يمتد أثرها من دمشق وحلب وحمص وصولًا إلى الساحل والبادية والجزيرة السورية. تتجلى الأهمية الدينية للعيد، الذي يحل في العاشر من ذي الحجة، في إحياء ذكرى قصة النبي إبراهيم وابنه إسماعيل، ويشمل أداء صلاة العيد وذبح الأضحية وتوزيعها على المحتاجين والأقارب. تقام صلاة العيد في الساحات العامة والمصليات، مصحوبة بخطبة تدعو إلى الرحمة والتكافل والدعاء للحجاج.

تقاليد العيد في دمشق

في الماضي، كانت الاستعدادات تبدأ قبل العيد بأيام بتحضير المعمول والغريبة وأقراص العيد في المنازل، أو شراء الحلويات الدمشقية الشهيرة حسب القدرة المادية. كانت السيدات يحرصن على شراء الملابس الجديدة لجميع أفراد العائلة. كان الرجال يجتمعون في سوق القصابين لشراء الأضاحي. في صباح العيد، كانت التكبيرات تملأ الأجواء، وبعد الصلاة، يتبادل الناس التهاني في الشوارع، ويقوم الأطفال بجمع العيدية من الأقارب.

اليوم، ورغم التغيرات التي فرضتها التكنولوجيا والظروف الاقتصادية، لا تزال روح العيد حاضرة. الزيارات أصبحت أقصر، والتهاني تقتصر أحيانًا على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن رائحة القهوة والمعمول لا تزال تذكرنا بأصالة الماضي.

العيد في المحافظات السورية

في حلب: لا يزال البعض يحيي "العتبة الحلبية" بزيارة المقابر قبل الصلاة، وبعد ذبح الأضاحي، يتم إعداد أطباق اليبرق بلحم الخروف الطازج والكبة النية.

في حمص: تستمر زيارات الأقارب لثلاثة أيام، ويتم تحضير حلويات مثل الشعيبيات، وتقام جلسات الزجل والغناء الريفي في بعض القرى.

في اللاذقية وطرطوس: يُذبح التيس الجبلي في بعض القرى الساحلية وتقام "العتبة" أيضًا، مع أجواء احتفالية تشمل دبكات شعبية ومآدب جماعية.

في دير الزور والرقة: كانت الاحتفالات تبدأ بالعراضة الشامية أو النهودة البدوية في بعض القرى، وتقدم الكبسة واللحم بعجين بعد ذبح الأضاحي.

فلكلور العيد الشعبي

يرتبط عيد الأضحى السوري بالعديد من المظاهر الفلكلورية، مثل الأهازيج والتكبيرات. كانت الجدات تغني للأطفال أغاني خاصة بالعيد مثل "يا عيد أهلًا وسهلاً… جبت المعمول وحب الهال" و"بكرا العيد ومنعيد..ومندبح بقرة السيد". لا يزال اللباس التقليدي شائعًا بين كبار السن في بعض المناطق، حيث يرتدون الجلابية أو العبي خلال زيارات العيد. تشترك جميع المحافظات السورية في الألعاب الشعبية، حيث يلعب الأطفال الدوامة والحجلة في الشوارع، رغم تراجعها بسبب الألعاب الإلكترونية.

مع الظروف الاقتصادية الصعبة والتهجير والنزوح بسبب الحرب، شهدت طقوس العيد بعض التغييرات، لكن السوريين داخل وخارج الوطن يحرصون على إحياء هذه المناسبة ولو بوسائل بسيطة، ويعتبر العيد فرصة للترحم على الشهداء، وتفقد أحوال الفقراء، وتعزيز التضامن. يبقى عيد الأضحى في سوريا رمزًا لوحدة الأسرة وعمق الروح الدينية والإنسانية، وتتجدد فيه الدعوات بالفرج والسلام، وتبقى التقاليد رابطًا يربط بين الأجيال وذاكرة الوطن.

تابعوا أخبار سانا على ا و

مشاركة المقال: