لم يكد يمضي شهر مارس (آذار) المثقل بالأحداث الدامية في الساحل السوري، حتى ظهر فصيل مسلح جديد يطلق على نفسه اسم "رجال النور"، مهدداً بتأجيج الأوضاع المتوترة أصلاً. يأتي هذا الظهور في أعقاب انتهاكات ومعارك خلفت ندوباً عميقة في نفوس المدنيين، والتي وصفتها السلطات الجديدة بأنها "فردية"، رداً على تحركات مجموعات موالية لفلول النظام السابق.
أعلن فصيل "رجال النور"، الذي يطلق على نفسه أيضاً اسم "سرايا الجواد"، عن نشاطه باستهداف القوات الحكومية، وبدأ بتوثيق عملياته عبر تسجيلات مصورة. وقد أنشأ الفصيل صفحة رسمية في الثاني من أغسطس (آب)، نشر عليها بيانات وخطابات، بما في ذلك بيان مصور في 14 أغسطس (آب) يظهر استهداف مركبة للأمن العام، وآخر في الأول من سبتمبر (أيلول) يوثق استهداف موقع حكومي.
إلا أن الخبير الأمني والعسكري العقيد محسن حمدان يرى أن هذا التشكيل العسكري لا يعدو كونه "صدى إعلامياً" يفتقد للتأثير الفعلي على الأرض. ويضيف أن بيان الفصيل موجه بالأساس إلى حاضنته الشعبية، بهدف تحذيرهم من التعاون مع الأمن العام أو السلطة الجديدة.
ويحرص الفصيل على توجيه تحذيرات لأبناء الساحل من التعاون مع الحكومة، وهو ما يراه مراقبون محاولة لتعميق الشرخ الذي خلفته أحداث مارس (آذار) الدامية، والتي أشعلتها مجموعات تطلق على نفسها اسم "درع الساحل"، بعد استهداف موكب للقوات الأمنية في جبلة، ما أدى إلى مقتل 16 عسكرياً.
ويرى مصدر أهلي من اللاذقية أن فصيل "رجال النور" ما زال مجهولاً، على عكس فصيل "درع الساحل" الذي يتزعمه مقداد فتيحة. ويعتبر المصدر أن أي فصيل مجهول الهوية يثير الشكوك حول أهدافه، والتي قد تهدف إلى زيادة الانقسام بين الناس والحكومة.
وفي سياق متصل، أفصح مصدر ميداني في اللاذقية عن قيام بعض الفصائل المسلحة بترويع المدنيين الذين يقتربون أو يتعاونون مع القوات الحكومية. كما أظهر مقطع مصور حالة إذلال لرجل في أحد أرياف الساحل بسبب عدم انتمائه للجماعات المسلحة.
ويأتي ظهور هذا الفصيل في ظل واقع ميداني معقد في سوريا، حيث تتمسك قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بخيار اللامركزية، وتحذو حذوها طائفة الموحدين الدروز في السويداء، بالإضافة إلى الغارات الإسرائيلية المتواصلة.
وتعتمد جماعة "رجال النور" على أسلوب حرب العصابات وتنفيذ الكمائن بأعداد محدودة من الأفراد. ويرجح مراقبون أن عناصرها قد يكونون من أبناء المؤسسات العسكرية والأمنية السابقة.
وقد بث الفصيل فيديو مصوراً على "فيسبوك" يظهر استهداف سيارة تابعة لقوات الأمن العام في ريف اللاذقية. وبررت الجماعة عملياتها بالثأر من الانتهاكات التي حدثت في الساحل، مشيرة إلى عمليات انتقام لاحتجاز الشيخ صالح المنصور من قبل السلطات، ومطالبة بالإفراج الفوري عنه.
كما أذاع الفصيل بياناً لعملية عسكرية نفذت انتقاماً لـ"بشار ميهوب ورفاقه". وكانت أنباء قد تحدثت عن مقتل بشار ميهوب على يد مقاتل أجنبي، إلا أن وزارة الداخلية نفت ذلك وأكدت أنه حي وموجود في أحد السجون.
وتتزامن عمليات "رجال النور" مع إعلان "التجمع الوطني للساحل السوري" عن مشروع تأسيس إقليم الساحل، في مؤشر إلى تصاعد حدة الخطاب الوطني نحو التقسيم أو اللامركزية.
اندبندت عربية