الإثنين, 5 مايو 2025 08:35 PM

فوضى الانتخابات البلدية: رشاوى، تصويت بالإنابة، وجهل بالقانون يثير الجدل

فوضى الانتخابات البلدية: رشاوى، تصويت بالإنابة، وجهل بالقانون يثير الجدل

ندى أيوب - انتهت المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية أمس، بتسجيل 479 شكوى تلقّتها وزارة الداخلية والبلديات، تنوّعت بين دفع رشاوى، وتصويت مندوبين نيابة عن ناخبين، وخرق سرية الاقتراع. واعتقلت القوى الأمنية ثلاثة أشخاص في الفنار والسبتية وبيت شباب، كانوا يدفعون أموالاً لقاء أصوات. أما اللافت فكان جهل بعض رؤساء الأقلام وعناصر القوى الأمنية بالقانون، ما يدلّل على تقصير لدى وزارة الداخلية، علماً أنّ هذه الانتخابات تكتسب أهميتها من كونها الأولى منذ تسع سنوات، بعدما مدّد مجلس النواب عمر المجالس البلدية والاختيارية لثلاث سنوات متتالية.

وهي أيضاً الأولى بعد الانهيار المالي والاقتصادي الذي شلّ معظم المجالس البلدية المُنتخبة عام 2016، فضلاً عن أنها تجري وسط أجواءٍ معقّدة أمنياً، ومشحونة سياسياً يعكسها ارتفاع مستوى الخطاب الطائفي المرافق للعملية الانتخابية.

في أنماط المخالفات المُسجّلة تتحمّل وزارة الداخلية جزءاً من المسؤولية، مع انتهاك بعض رؤساء الأقلام قانون الانتخاب وارتكابهم مخالفات ينبغي أن تؤدّي إلى إبطال التصويت، ما يشير إلى أنّ التدريب الذي قامت به «الداخلية» لم يكن كافياً. وهو ما تؤكّده المديرة التنفيذية في «الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات» (لادي) ديانا البابا التي تؤكد أن «التأهيل لم يكن كافياً لجهة الوقت، ولجهة ضمان عملية انتخابية سليمة، وكان يُفترض مسبقاً تزويد رؤساء الأقلام بتعاميم واضحة»، متوقّعةً حدوث «إشكالاتٍ في عملية فرز الأصوات تبعاً لعدم الإلمام بالقانون الانتخابي».

ومن الأمثلة التي رصدتها «لادي»، ما حصل في القلم رقم 6 في مدرسة دير القمر المهنية حيث رمى رئيس القلم الرقم التسلسلي العائد لظروف الاقتراع في القمامة. وفي القلم رقم 9 في مركز حارة حريك، جلس أحد المندوبين مكان رئيس القلم، ما يشكّل مخالفة، إذ إن غياب رئيس القلم يفترض أن يؤدّي إلى تعليق عملية الاقتراع. وفي الغرفة رقم 6 في ثانوية حارة حريك الرسمية توقّفت عملية الاقتراع قرابة 25 دقيقة بعد تلاسن بين ناخب ورئيس القلم الذي أراد وقف العملية الانتخابية لأداء الصلاة. وفي القلم رقم 2 في مبنى بلدية ترشيش – بعبدا تمّ السماح باستخدام إخراج القيد، فيما القانون ينصّ على الاقتراع إما ببطاقة الهوية أو بجواز السفر الصالح. ولوحظ في أكثر من مكان اعتماد رؤساء الأقلام على المراقبين لسؤالهم عن الخطوات التي ينبغي عليهم القيام بها.

الجهل برز أيضاً عندما منعت القوى الأمنية مراقبي «لادي» من دخول عدد من مراكز الاقتراع لعدم معرفتها بحقّهم القانوني في ذلك. وفي مراكز أخرى، كانت القوى الأمنية وبعض رؤساء الأقلام يمنعون المراقبين من التصوير لتوثيق المخالفات رغم أن القانون ينصّ على ذلك. وعلى صعيد مشابه، تمّ منع المرشّحين والمندوبين الجوّالين من دخول بعض مراكز الاقتراع في قضاء بعبدا، مع العلم أنّ للمندوبين الجوّالين والمرشّحين، الحق بالحضور داخل المركز.

أخطاء أخرى تقع على عاتق «الداخلية»، منها توقف الاقتراع في زوق مكايل لوجود نقص في لوائح الشطب الخاصة بالتصويت للمقعد الاختياري، ما استدعى تدخّل قائمّقامية جبل لبنان التي أوعزت إلى القوى الأمنية بإرسال نسخة منقّحة من اللوائح. وفي مركز الاقتراع في عجلتون، لوحظ اختلاف في قوائم الناخبين بين رئيس القلم وبعض المندوبين، ورغم ذلك استمرت عملية التصويت من دون توقّف.

عدم التأهيل الكافي لهيئات الاقتراع أسفر أيضاً عن مخالفات فاضحة لسريّة الاقتراع، ففي القلم رقم 1 في مدرسة برجا الرّسميّة للبنات، صوّتت مندوبة بالنّيابة عن ناخبة. وفي المدرسة نفسها في القلم رقم 3، دخلت سيدة من ذوي الإعاقة للاقتراع، إلا أنّها بقيت خارج العازل، فيما دخل أحد المندوبين وأدلى بصوته نيابة عنها. كذلك، في الغرفة رقم 1 في مدرسة الإليزيه، رافق أحد المرشحين ناخباً إلى وراء العازل، ما يشكّل ضغطاً على الناخبين.

كذلك كان لافتاً وضع العوازل بطريقة لا تضمن سريّة الاقتراع في مبنى بلدية جديدة غزير على سبيل المثال، وتسجيل حالات اقتراع عدة خارج العازل وكأنها ليست انتهاكاً لسرية الاقتراع.

تمادي المندوبين في قلم رقم 5 في مدرسة عرمون الرسمية المختلطة حصل خلاف بين رئيسة القلم وأحد المندوبين المتجوّلين بسبب دخوله المتكرّر مع الناخبين من ذوي الإعاقة، وتوقّفت العملية الانتخابية لأكثر من 15 دقيقة. إشكال آخر سُجّل في المدرسة التكميلية الرسمية للبنات في برجا بعد اعتراض أحد المندوبين على دخول مندوبي اللوائح الأخرى مع الناخبين. وفي البريج وزّع مندوب أوراقاً بأسماء المرشحين داخل القلم، ما أدّى إلى حدوث مشاجرة. ولفتت البابا إلى أنّ «المندوبين إمّا يستغلون عدم حزم رئيس القلم، أو أنّ ثقافتهم الانتخابية ضعيفة».

الناخبون أيضاً وسُجّل اعتداء ناخب بالضرب على رئيس القلم في الغرفة رقم 3 في حارة حريك على خلفية منعه من الاقتراع لعدم حيازته المستند اللازم. وفي حراجل حصل تلاسن في القلم رقم 4 بسبب منع ناخب من الاقتراع بواسطة صورة عن الهوية. ما يُستشف منه، أن جزءاً من الناخبين يجهلون أيضاً أن عملية الاقتراع لا تتم إلا عبر بطاقة الهوية أو جواز السفر الصالح.

إشكالات متنقّلة وشهد اليوم الانتخابي إشكالاتٍ متنقّلة في جونية وزوق مكايل وحارة القبة في الشويفات وصربا وبلدة الغينة – كسروان ومار شربل الجية، ما أدّى في أغلب الأحيان إلى توقّف عملية الاقتراع لبعض الوقت، وسط محاولة الجيش والقوى الأمنية تطويق الأمور.

وكالمعتاد، لم يمرّ الاستحقاق الانتخابي، من دون تسجيل خروقات للصمت الانتخابي، من قبل بعض وسائل الإعلام، عبر أخذ تصريحات من بعض المرشّحين، وهو ما يشكّل نوعاً من الدعاية الانتخابية.

العوائق مستمرّة أمام انتخاب ذوي الاحتياجات بخلاصة مراقبتها للعملية الانتخابية في جبل لبنان بهدف التحقّق من مدى أهلية المراكز الانتخابية لاقتراع الناخبين المعوّقين باستقلالية وكرامة، لفتت الحملة الوطنية لإقرار الحقوق السياسية للأشخاص المعوّقين «حقي» إلى أنّ قسماً كبيراً من أقلام الاقتراع نُقل إلى الطوابق الأرضية، كما استُحدثت أقلام في باحات بعض المراكز، مقابل استمرار المشهد المُذِلّ لحمل المقترعين المعوّقين وكبار السن على الأدراج، في وضعيات خطرة ومُهينة لكرامتهم، مع عدم استحداث أقلام أرضية في الكثير من مراكز الاقتراع. ولاحظت «حقي» عدم إزالة العقبات من أمام بعض المراكز الانتخابية مثل العوارض الحديدية والجنازير، وإقفال الأبواب الرئيسية في بعض المراكز حيث تتوفر المنحدرات، وعدم تشغيل المصاعد رغم توفّر الكهرباء، ومنع مرافق الشخص المعوّق في بعض أقلام الاقتراع من مساعدته في إتمام عملية اقتراعه. وأشارت إلى أنّ العازل لا يضمن سرية الاقتراع، وغير ملائم لاستخدام المقترعين المعوّقين.

مشاركة المقال: