الخميس, 25 سبتمبر 2025 09:30 AM

قصص ملهمة من سوريا: كيف حول الصم التحديات إلى نجاحات بفضل لغة الإشارة

قصص ملهمة من سوريا: كيف حول الصم التحديات إلى نجاحات بفضل لغة الإشارة

دمشق-سانا: لغة الإشارة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي جسر إنساني يربط الصم بالمجتمع، لغة متكاملة تحتضن ثقافة وهوية. بفضلها، تمكن العديد من السوريين الصم من تحويل الصعاب إلى قصص نجاح تلهم الأجيال، مؤكدين أن الدمج المجتمعي حق لا يمكن تجاهله.

كتاب لمحو أمية الأطفال الصم

أحمد البطين، الذي ترعرع في كنف أسرة صماء، تغلب على التحديات بتفوقه الدراسي، وحصل على امتياز من كلية التربية، ويواصل دراساته العليا في التربية الخاصة، طامحاً لنيل درجة الدكتوراة. لم يكتفِ البطين بالعلم، بل أصبح مدرباً للغة الإشارة وصعوبات التعلم، وشارك مع زميل له من قسم المكتبات والمعلومات في تأليف كتاب للأطفال الصم من عمر 3 إلى 5 سنوات، يعتمد على الصور والوسائل البصرية لتعليم الحروف والمفردات، لتسهيل دمجهم في محيطهم منذ الصغر، وفق ما ترجمته أناهيدا طنطا، المترجمة التي رافقت شخصيات التقرير.

تطبيق "صوت الإشارة" لمساعدة الصم

آلاء سقباني، لم تستسلم لحرمانها من دراسة الكيمياء بسبب متطلباتها العملية التي لا تتناسب مع إعاقتها السمعية، بل حولت ذلك إلى فرصة، واختارت أن تصبح معلمة للأطفال الصم. لم تتوقف عند هذا الحد، بل ابتكرت مع زملائها تطبيق "صوت الإشارة"، الذي يتيح للصم التواصل الفوري مع الأطباء والمرافق الصحية في الحالات الطارئة، وشاركت في مشروع لترجمة تاريخ المتاحف السورية، لتثبت أن فقدان السمع لا يعيق الإبداع.

جمعية "لغتي إشارتي" تجربة رائدة

هدى محمد، التي فقدت سمعها في سن الثالثة بسبب التهاب السحايا، أصبحت أول طالبة صماء في سوريا تحصل على درجة الماجستير في علم الاجتماع. أسست جمعية "لغتي إشارتي" لتعليم الأهالي لغة الإشارة، بهدف مساعدة الأسر على التواصل مع أبنائهم، مؤمنة بدور الأسرة في كسر عزلة الصم، ومؤكدة أن الإعاقة الحقيقية تكمن في غياب الإصرار.

أناهيدا طنطا.. ثلاثة عقود في خدمة الصم

المترجمة أناهيدا طنطا، بدأت رحلتها مع لغة الإشارة عام 1991، عندما التقت بزميلات صم في وزارة الشؤون الاجتماعية، فتحول الفضول إلى شغف، وكرست أكثر من 35 عاماً من حياتها لخدمة هذه الفئة، وفق ما ذكرت لمراسلة سانا. وأكدت طنطا أن الصم لم يعلموها لغة الإشارة فحسب، بل علموها الصبر والوفاء والصدق، وأصبحت جزءاً من عائلاتهم، ولم تعتبر نفسها مجرد مترجمة، بل ابنة لهذا العالم، تحمل همومه وتفرح لفرحه، وتعمل على مد جسور التفاهم بين الصم والناطقين.

القاموس الإشاري السوري.. اعتراف رسمي بلغة الحياة

أوضحت طنطا أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اعتمدت بالتعاون مع الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم القاموس الإشاري السوري كمرجع رسمي وموحد عام 2008، وهو ليس مجرد قاموس، بل خطوة استراتيجية نحو الاعتراف الكامل بلغة الإشارة. وأشارت إلى أن القاموس حمل بعداً تعليمياً للأسر والمعلمين، وبعداً ثقافياً بحفظه إشارات محلية مرتبطة بالبيئة السورية، وبعداً اجتماعياً بكسره حاجز العزلة ومساعدته على دمج الصم في المدارس وسوق العمل. واختتمت طنطا بأن القاموس يمثل وثيقة وطنية تمنح الصم هويتهم اللغوية، وتؤكد أن لغتهم ليست ترفاً، بل حق أساسي. يحتفل العالم في 23 أيلول باليوم العالمي للغة الإشارة، الذي أقرته الأمم المتحدة عام 2017، للتذكير بأهمية تعزيز الوعي المجتمعي بدور هذه اللغة في تحقيق الدمج والمساواة.

مشاركة المقال: