الخميس, 21 أغسطس 2025 06:52 AM

قمة ألاسكا: هل تفتح آفاقًا جديدة للعلاقات الاقتصادية بين أمريكا وروسيا؟

قمة ألاسكا: هل تفتح آفاقًا جديدة للعلاقات الاقتصادية بين أمريكا وروسيا؟

شهدت قمة ألاسكا بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين منعطفاً هاماً في العلاقات الثنائية، خاصة على المستويين الاقتصادي والسياسي. فبعد سنوات من التوتر والعقوبات، قد تمثل هذه القمة بداية مرحلة جديدة لإعادة رسم التوازنات الدولية، ليس فقط بين واشنطن وموسكو، بل أيضاً فيما يتعلق بأوروبا والصين والقوى العالمية الأخرى.

أبعاد القمة: من الشكل إلى المضمون

منذ اللحظة التي استُقبل فيها بوتين في الولايات المتحدة بحفاوة دبلوماسية، بدا واضحاً أن القمة تتجاوز مجرد لقاء بروتوكولي. هذا المشهد يمثل بداية لكسر العزلة المفروضة على روسيا، وإشارة إلى أن العقوبات الاقتصادية قد تخضع للمراجعة أو التخفيف، حتى وإن لم يُعلن ذلك رسمياً.

أما فيما يتعلق بالمضمون، فإن تصريحات ترامب بأن اللقاء كان ممتازاً تشير إلى وجود تفاهمات مسبقة أُعدت بعناية، مما يعكس رغبة مشتركة في ترجمة اللقاء إلى خطوات عملية في ملفات مثل أوكرانيا، واستقرار الأسواق العالمية، والطاقة.

انفراج اقتصادي محتمل

يوضح الباحث الاقتصادي والسياسي د. محمد موسى لـ"النهار" أن القمة لم تكن لتُعقد بهذه الرمزية لولا وجود نتائج ملموسة متوقعة. ويضيف أن هناك اتفاقاً شبه جاهز بشأن أوكرانيا ينتظر الضوء الأخضر الأوروبي، ومن المرجح أن يستثمر ترامب لقاءاته المقبلة مع الرئيس الأوكراني والأوروبيين لتمريره. اقتصادياً، تستفيد واشنطن من تهدئة الأسواق العالمية، مما سينعكس على أسعار النفط والغذاء والأسمدة، وبالتالي يريح المستهلك الأميركي، ويدفع الفدرالي الأميركي إلى خفض أسعار الفائدة، وهو ما يسعى إليه ترامب لتعزيز الانتعاش الاقتصادي.

ويرى موسى أن هذه الانفراجة الاقتصادية تخدم أيضاً طموحات ترامب الشخصية، حيث يسعى لتقديم نفسه كـ"زعيم للسلام" وربما الترشح لنيل جائزة نوبل.

روسيا وكسر طوق العقوبات

من جهة أخرى، يؤكد موسى أن استقبال بوتين في الولايات المتحدة يمثل فكاً تدريجياً للعزلة، ويمنح الاقتصاد الروسي متنفساً جديداً. ويضيف: "قد نشهد غض طرف أميركي عن بعض صادرات روسيا، على غرار ما فعله جو بايدن مع إيران، بما يتيح لموسكو استعادة جزء من نشاطها التجاري مع الصين والهند، وهما شريكان رئيسيان في تجارة الطاقة والمواد الخام. هذه الخطوات ستعيد تحريك الاقتصاد الروسي، وربما تنعكس أيضاً على الاقتصادات الآسيوية الصاعدة".

الصين: لاعب ثالث حاضر في الغرفة

على الرغم من أن القمة ركزت على الملفات الأميركية – الروسية، حضرت الصين بقوة كطرف ثالث مؤثر. فبحسب موسى، تمتلك بكين أدوات تسمح لها بالتحرك خارج المنظومة المالية الأميركية، سواء عبر "بريكس" أم عبر آليات التبادل بالعملات المحلية. ومع ذلك، تبقى الصين منفتحة على أي اتفاقات تسمح لها بالاستفادة من تهدئة التوترات الدولية، خصوصاً إذا كان الشريك الروسي جزءاً منها.

لقاء ألاسكا بين ترامب وبوتين يتجاوز البعد الدبلوماسي إلى إعادة تشكيل محتملة للنظام الاقتصادي العالمي. فالولايات المتحدة تسعى إلى استقرار الأسواق لدعم اقتصادها الداخلي، بينما ترى روسيا في القمة فرصة لكسر طوق العقوبات واستعادة دورها كقوة فاعلة. أما الصين، فتترقب وتستثمر بهدوء في أي انفتاح يمكن أن يعزز شراكتها مع موسكو بعيداً عن الضغوط الأميركية.

بين هذه المصالح المتشابكة، يبدو أن العلاقات الاقتصادية الأميركية – الروسية تدخل مرحلة جديدة، قد تحمل معها توازنات مختلفة، لا تحدد فقط مستقبل موسكو وواشنطن، بل أيضاً موقع الصين وأوروبا في النظام العالمي المقبل.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: