الأربعاء, 3 سبتمبر 2025 01:31 AM

قمة إردوغان-بوتين: تحولات في العلاقات التركية الروسية في ظل التحديات الإقليمية والدولية

قمة إردوغان-بوتين: تحولات في العلاقات التركية الروسية في ظل التحديات الإقليمية والدولية

منذ عام 2021، حصلت تركيا على صفة "شريكة حوار" في "منظمة شنغهاي للتعاون"، التي عقدت قمتها الـ25 على مستوى رؤساء الدول في مدينة تيانجين الصينية. شكلت القمة فرصة لبحث العلاقات بين أنقرة وبكين، لكن اللقاء بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين كان الأكثر أهمية، خاصة أنهما لم يلتقيا في بلديهما منذ بدء الحرب الأوكرانية. آخر لقاء جمعهما كان في 23 تشرين الثاني الماضي على هامش قمة "بريكس" في قازان الروسية.

تأتي القمة في ظل تحولات كبيرة على مستوى المنطقة والعالم، أعادت صياغة العلاقات بعد عام 2016، عندما اتهمت تركيا الغرب بتدبير محاولة الانقلاب، واتجهت نحو روسيا لعقد صفقات، مثل شراء منظومة صواريخ "إس-400" المتطورة والاتفاق على إنشاء مفاعل نووي في مدينة مرسين.

لم تستمر مرحلة التقارب التركي الروسي طويلاً، مع وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة وتهديده لأنقرة، مما اضطرها للتراجع عن استخدام صواريخ "إس-400".

انعقدت القمة أيضًا في ظل الاتفاق الأرميني الأذربيجاني برعاية الولايات المتحدة لفتح "ممر زينغيزور"، الذي قد يوجه ضربة جيوسياسية لروسيا، بعد استبعادها من الاتفاق وحلول شركات أمريكية استأجرت الممر لمدة 99 عامًا. يعتبر هذا انتصارًا لتركيا، حيث يربط الممر تركيا بالعالم التركي برًا.

المسألة الأوكرانية كانت العنوان الأبرز في قمة إردوغان بوتين، حيث أكد إردوغان استمرار الدور الوسيط لتركيا منذ بدء الحرب، بعد تحقيق خطوات إيجابية مثل تبادل الأسرى والتواصل بين موسكو وكييف في إسطنبول. الرئيس الروسي أعرب عن رغبته في مواصلة أنقرة جهودها لوقف الحرب في أوكرانيا. وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، جدد استعداد بلاده لاستضافة قمة تجمع بين بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وأن تكون من الدول الضامنة لوقف إطلاق النار والسلام بين البلدين، من خلال إرسال قوات مراقبة.

سوريا حضرت أيضًا على جدول الأعمال، فرغم أن روسيا فتحت صفحة جديدة مع رئيس الإدارة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، إلا أنها تعول على العلاقات بينه وبين أنقرة لبحث دور موسكو في سوريا، مع مطالبة إردوغان بدعم وحدة الأراضي السورية ورفض دعوات التقسيم والوقوف بعيدًا عن "قوات سوريا الديمقراطية".

تباحث الرئيسان أيضًا في موضوع المفاعل النووي الروسي في منطقة أق قويو قرب مرسين، الذي تتولى تنفيذه شركة "روس آتوم" الروسية. تجدر الإشارة إلى أن تركيا تستورد 49% من احتياجاتها من النفط والغاز الطبيعي من روسيا، وهو ما يشكل 73% من وارداتها من موسكو. بوتين أكد أن الشراكة مع أنقرة في مجال الطاقة استراتيجية، وأن بلاده ستواصل إمداد تركيا بالنفط والغاز عبر البحر الأسود.

تطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين يواجه عراقيل بسبب العقوبات الأمريكية على البنوك الروسية، مما جعل البنوك التركية تمتنع عن التعامل معها. السفير الروسي في أنقرة، ألكسي إرخوف، ذكر أن حجم التبادل التجاري تراجع من 56.5 مليار دولار عام 2022 إلى 52.5 مليار دولار بعد عام، متهمًا البنوك التركية بالامتثال للإملاءات الأمريكية بشأن العقوبات. إردوغان وبوتين يأملان في رفع حجم التجارة بينهما إلى مئة مليار دولار.

على الرغم من أمل إردوغان في لقاء بوتين قريبًا في إسطنبول، إلا أن اللقاء أظهر تحول الريح التركية نحو الجانب الأمريكي في معظم القضايا، مما يجعل العلاقات التركية الروسية لا تسير على الطريق الصحيح.

مشاركة المقال: