الإثنين, 12 مايو 2025 09:07 PM

كارثة صحية في درعا: فيضان الصرف الصحي يحاصر قرية العجمي ويهدد السكان

كارثة صحية في درعا: فيضان الصرف الصحي يحاصر قرية العجمي ويهدد السكان

درعا – محجوب الحشيش: أجلى رياض الجاسم عائلته من منزله في قرية العجمي بريف درعا الغربي مرتين خلال فصل الشتاء الماضي، بسبب طوفان مياه الصرف الصحي التي اجتاحت منزله نتيجة انسداد في الخط الرئيس. معاناة رياض ليست فردية، بل هي واقع يعيشه معظم سكان القرية منذ أكثر من عام، حيث يواجهون باستمرار فيضان الصرف الصحي، خاصة في الحيين الغربي والجنوبي المنخفضين، مما يؤدي إلى دخول المياه الملوثة إلى منازلهم.

على الرغم من جهود المجتمع المحلي لفتح القسطل الرئيس من خلال جمع التبرعات وتوفير الآليات وفرق مديرية الصرف الصحي في درعا، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل. هذا الوضع دفع البعض إلى تسريب المياه إلى وادي اليرموك، مما فاقم التلوث البيئي وانتشار الحشرات الضارة.

الأسباب وراء الأزمة

يعزو علي الحشيش، رئيس بلدية تل شهاب التي تتبع لها قرية العجمي إداريًا، أسباب فيضان الصرف الصحي إلى التعديات على الخط الرئيس بهدف الحصول على المياه لسقاية المحاصيل الزراعية. وأشار الحشيش في تصريح لعنب بلدي، إلى أنه قدم العديد من الكتب لمديرية الصرف الصحي في درعا، والتي استجابت بإرسال صهريج نضح و"صاروخ تسليك" حوالي أربع مرات على فترات متباعدة.

وأوضح أن مجلس بلدية تل شهاب يفتقر إلى الآليات والمعدات اللازمة للصرف الصحي، ولا يمتلك صهريج نضح أو "صاروخ تسليك"، بالإضافة إلى نقص في العمال المتعاقدين.

رياض الجاسم، الذي اضطر إلى إخلاء منزله ويعمل في ورشات البناء، ذكر أن مديرية الصرف الصحي تستخدم صاروخًا مخصصًا لفتح الخطوط الفرعية، بينما تحتاج الشبكة إلى "صاروخ تسليك" مخصص للخطوط الرئيسة. وأضاف أن السبب الرئيس لاستمرار الفيضان هو تكلس الرواسب في قطر القسطل، والذي تشكل بعد انخفاض منسوب مياه الشرب نتيجة جفاف عيون العبد القريبة من البلدة، مما أدى إلى ترشيد السكان في استخدام المياه وشراءها من الصهاريج.

من جانبه، أرجع إبراهيم ذيب سبب الانسداد إلى تعديات المزارعين على الخط الرئيس للصرف الصحي لاستخدام المياه الملوثة في السقاية، وذلك عن طريق وضع أحجار وأكياس داخل الخط.

صلاح الحمد، أحد سكان القرية الذي تضرر منزله بفيضان الصرف الصحي، أوضح أن السبب يكمن في سرقة أغطية نقاط التفتيش، مما أدى إلى دخول النفايات وتراكمها، وبالتالي انسداد الخط الرئيس.

حلول مؤقتة لا تجدي نفعًا

على الرغم من المحاولات المتكررة من قبل المجتمع المحلي ومديرية الصرف الصحي لفتح الخط الرئيس، إلا أن المشكلة لا تزال قائمة وتزداد خطورة في فصل الصيف بسبب انتشار البعوض والرائحة الكريهة.

أفاد إبراهيم ذيب بأنه دفع ما يقارب 100 ألف ليرة سورية (تسعة دولارات أمريكية) على فترات متقطعة عبر لجنة الحي، والتي جمعت عن كل بطاقة عائلية 25 ألف ليرة سورية في كل إصلاح تجريه اللجنة المحلية لفتح الخط. وأضاف أن اللجنة تتكفل بتأمين عمال مياومة ومحروقات وصهاريج مياه ترافق سيارات مديرية الصرف الصحي، والتي عملت أكثر من مرة على فتح الخط الرئيس.

في المقابل، ذكر محمد ذيب، وهو موظف حكومي، أن مياه الصرف الصحي دخلت منزله أكثر من مرة، مما دفع سكان الحي في كل مرة إلى جمع التبرعات وإحضار آليات مديرية الصرف الصحي لفتح الخط الرئيس. وأضاف أن سكان الحي الغربي قاموا بتسريب مياه الصرف الصحي باتجاه وادي اليرموك المجاور للقرية، مما تسبب في انتشار رائحة كريهة وبعوض وزاد من نسبة التلوث في القرية.

مخاطر صحية وبيئية متفاقمة

أعرب صلاح الحمد عن خشيته من انهيار قواعد منزله نتيجة تسرب المياه الملوثة إلى أساسات البناء. أما رياض الجاسم، فأشار إلى أن ابنه ذا الخمس سنوات أصيب بمرض التهاب الأذن الوسطى، وعزا الطبيب السبب إلى تعرض الطفل لروائح كريهة، مما دفعه لإرسال طفله إلى منزل جده حتى يتمكن من علاجه.

تقع قرية العجمي في ريف درعا الغربي على كتف وادي اليرموك، ويبلغ عدد سكانها 5000 نسمة يعمل معظمهم في الزراعة وتربية المواشي. وفي عام 2004، أبدت مديرية مياه درعا تخوفها من مشكلة تلوث مياه الشرب في عيون العبد، وهي مجاورة للقرية من جهة الغرب وتغذي كلًا من مدن جاسم وإنخل والحارة وسملين وزمرين، إضافة إلى عدد من التجمعات السكنية في منطقة الجيدور، جراء تسرب من مياه الصرف الصحي من الحفر المطمورة التي كان يستخدمها السكان في ذاك الوقت للتخلص من مياه الصرف الصحي. ولذلك، قررت مديرية المياه والصرف الصحي تركيب شبكة تصريف لكامل القرية ومعالجتها عبر محطة تنقية تقع غربي القرية لتفادي مشكلة تلوث مياه الشرب، وخلال سيطرة المعارضة (بعد عام 2011 حتى عام 2018) وبعد سيطرة النظام السابق، أعادت المديرية تفعيل المحطة، ولكن المياه الآسنة لم تعد تصل إليها مؤخرًا بسبب انسداد في الخط الرئيس.

مشاركة المقال: