من مدينة القامشلي، تبرز الفنانة الشابة ليلان جمعة، البالغة من العمر 25 عامًا، بموهبة فريدة في فن صناعة المنحوتات من الأسلاك. منذ نعومة أظفارها، كانت ليلان تميل إلى الرسم والتعبير عن أحلامها بالألوان، إلا أنها لم تتلقَ تعليمًا أكاديميًا في الفنون. ومع ذلك، لم يثنِها ذلك عن صقل موهبتها بالاجتهاد والتجربة، محولةً شغفها إلى مسيرة إبداعية متميزة.
بدأت ليلان مسيرتها الفنية في عالم الرسم، لكنها سرعان ما أدركت حاجتها إلى وسيلة فنية أكثر تميزًا للتعبير عن أفكارها ومشاعرها. نقطة التحول كانت عندما شاهدت عملًا فنيًا لفنان أجنبي يستخدم الأسلاك المعدنية في النحت. ألهمتها الفكرة، فقررت تجربتها بنفسها، لتكتشف في هذه المادة الصلبة تحديًا ممتعًا وفرصة فريدة لتجسيد أحاسيسها.
تستوحي ليلان أفكار منحوتاتها من تفاصيل الحياة اليومية، ومن الناس والموسيقى والفن. تبدأ عملها بتصور الفكرة في ذهنها، ثم تقوم بتصميم الهيكل الأساسي باستخدام سلك حديدي سميك، قبل أن تبدأ بلف الأسلاك بدقة لتشكيل القطعة النهائية. تستغرق كل قطعة فنية من ثلاثة أيام إلى أسبوع، وذلك تبعًا لتعقيد التصميم.
تركز أعمال ليلان على تصوير الشخصيات الإنسانية، والموسيقيين، وعشاق القراءة والفن، لتنبض منحوتاتها بالحس الإنساني. وتعتبر منحوتة "عازفة التشيلّو" الأقرب إلى قلبها، لأنها تجسد شغفها العميق بالموسيقى وتعبر عن التوازن بين القوة والنعومة في أعمالها.
تستخدم ليلان أدوات بسيطة في عملها، مثل أسلاك الحديد، والقواطع، والكمّاشة، والمثقب، والألوان. تعلمت بعض استخدام هذه الأدوات من والدها، بينما اكتسبت الخبرة اللازمة لاستخدام الأدوات الأخرى من خلال الممارسة والصبر. تعتمد ليلان في فنها على دقتها العالية، وتركيزها الشديد، وأناملها الماهرة، مما يمنح منحوتاتها تفاصيل دقيقة وحيوية.
على الرغم من غياب ليلان عن المعارض الفنية التقليدية حتى الآن، إلا أن منصة إنستغرام أصبحت نافذتها لعرض أعمالها أمام جمهور واسع من سوريا والعراق وخارجهما. يثمن المتابعون فنها ويشجعونها على الاستمرار في هذا الطريق.
تحلم ليلان بتوسيع نطاق عملها الفني ليشمل العالم، والمشاركة في معارض فنية كبرى، وتعلم تقنيات جديدة، بالإضافة إلى تأسيس ورش عمل لتعليم فن النحت بالأسلاك للأجيال القادمة.
توجه ليلان رسالة إلى كل موهوب قائلة: "ابدأوا هذه الرحلة الجميلة. النحت بالأسلاك يحتاج إلى الصبر والدقة والتجربة، لكنه يمنح القدرة على التعبير بطريقة فريدة عن النفس والقصص الشخصية."
الفن بالنسبة لليلى ليس مجرد مهنة أو هواية، بل هو أسلوب حياة. فكل منحوتة هي مرآة تعكس مشاعرها وأفكارها، حيث تتحول الأسلاك إلى عالم ينبض بالحياة، وتجسد تفاصيل قد يغفل عنها الآخرون.