مبادرة "الشام في عيوننا" تعيد الحياة إلى سوق الصاغة الأثري بدمشق بجهود شبابية

دمشق-سانا: في قلب دمشق القديمة، حيث تتشابك الأزقة العتيقة وتفوح رائحة التاريخ، يعود سوق الصاغة الأثري إلى التألق بفضل مبادرة شبابية حيوية. تحت اسم "الشام في عيوننا"، أطلقت جمعية أصدقاء المتاحف وفريق ملهم التطوعي، بالتعاون مع المديرية العامة للآثار والمتاحف ومحافظة دمشق، هذه المبادرة لإحياء هذا السوق العريق.

تهدف هذه المبادرة التطوعية إلى تنظيف وترميم سوق الصاغة الأثري، الواقع بجوار الجامع الأموي، وإبراز قيمته التاريخية. إنها خطوة تعكس حب المدينة والحرص على الحفاظ على تراثها للأجيال القادمة.

تاريخ الموقع

أوضح إياد غانم، رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء المتاحف لـ سانا، أن الموقع يضم معبد حوريات الماء وأعمدة كلاسيكية تعود إلى الفترة الرومانية، بالإضافة إلى بقايا جدران من الحقبة الأموية وبركة ماء من الفترة الأيوبية، فضلاً عن سوق الصاغة الأثري الذي يعود إلى الحقبتين المملوكية والعثمانية.

تأتي هذه المبادرة للحفاظ على هذا الموقع التاريخي الذي تعرض لعوامل طبيعية وتعديات بشرية على مر العقود. وكان سوق الصاغة في الحقبة العثمانية من أهم مراكز تجارة الذهب والمجوهرات، قبل أن يتضرر بشكل كبير خلال حريق في ستينيات القرن الماضي، وفقًا لغانم.

جهود مشتركة بين الجمعيات الأهلية والطلاب

أشارت لين الأيوبي، وهي طالبة في السنة الرابعة بكلية الآثار، إلى أن مشاركتها في هذا العمل التطوعي مع أصدقائها تمثل فرصة للمساهمة في الحفاظ على الإرث الحضاري لسوريا، وتعزيز خبرتها العملية، والبقاء على اتصال مباشر مع التراث السوري. واعتبرت أن وجود الشباب في الموقع يمثل رسالة واضحة للحفاظ عليه وإبراز جماله.

دمج الصم بالمجتمع لحماية التراث

أكدت أناهيدا طنطا، مترجمة لغة الإشارة وعضو جمعية أصدقاء المتاحف، أن مشاركة الشباب الصم في المبادرة، بالتزامن مع اليوم العالمي للغة الإشارة، تمثل خطوة مهمة نحو دمج هذه الفئة في المجتمع بشكل فعلي وشامل.

وأوضحت طنطا أن بعض المشاركين من ذوي الإعاقة السمعية تلقوا تدريبات سابقة في المتحف الوطني بدمشق، واكتسبوا خبرة في التعامل مع القطع الأثرية والتعرف على تاريخها وأنواع الأحجار، مما مكنهم من شرح هذه المعلومات بلغة الإشارة لزملائهم.

أهداف المبادرة

تستمر مبادرة "الشام في عيوننا" لمدة أسبوعين منذ انطلاقتها في الـ21 من أيلول الجاري، وتهدف إلى ترسيخ الوعي المجتمعي بأهمية حماية التراث السوري وصونه من الإهمال والتعديات، وتعزيز المشاركة المجتمعية لذوي الإعاقة السمعية والطلاب الجامعيين، بما يؤكد أن التراث مسؤولية كل أبناء الوطن.