الثلاثاء, 22 أبريل 2025 04:14 AM

مجالس رجال الأعمال في سوريا: تهميش للاقتصاد الوطني أم خدمة للمصالح الخاصة؟

سامي عيسى – مركزان الخليل:

يثير الاستغراب التهميش الكبير لدور رجال الأعمال ومجالسهم المتخصصة في قيادة الاقتصاد السوري وتطويره على مدى السنوات الماضية. سواء كان هذا التهميش مقصوداً، مما يؤكد سيطرة أصحاب النفوذ والمصالح الخاصة، أو غير مقصود، مما يعكس تقاعس رجال الأعمال عن تحمل المسؤولية الوطنية، فإن النتيجة واحدة: الاقتصاد الوطني هو الخاسر الأكبر.

في سوريا، نلاحظ تراجعاً واضحاً في دور رجال الأعمال، حيث تقتصر مشاركتهم على صور شكلية ضمن مجالس لم تأخذ دورها الحقيقي في قيادة الاقتصاد الوطني. يعود ذلك لأسباب متعددة، منها ما يتعلق برجال الأعمال أنفسهم، ومنها ما يتعلق بسياسات الحكومة في التعامل مع أصحاب رؤوس الأموال.

الحديث عن دور مجالس رجال الأعمال التي سمعنا عنها الكثير، وإصدار قرارات تشكيلها على مدى العقود الماضية، يقودنا إلى واقع مرير: ترجمة سيئة ونتائج أسوأ. يرجع ذلك جزئياً إلى فساد الإجراءات والإدارات، مما أدى إلى هروب رؤوس الأموال الوطنية ورجال الأعمال.

ياسر كريم، عضو غرفة تجارة دمشق، يرى أن مجالس رجال الأعمال منتشرة في معظم بلدان العالم، باعتبارها صلة وصل بين رجال الأعمال الذين تجمعهم مصالح مشتركة. مهمة هذه المجالس هي توحيد الرؤى والمشروعات والمشاركة في تنفيذها، خدمة لكافة الأطراف.

ويضيف كريم أن الصورة الحقيقية للمجالس لم تثمر بالشكل المطلوب نتيجة التداخلات والفساد الإداري والسياسي والاقتصادي، مما شكل طبقة من رجال الأعمال تهتم بالمنفعة الخاصة، وتربط مصالحها برؤيتها الخاصة للمشاريع، ناهيك عن تدخل أهل السياسة والإدارة، مما أدى إلى وجود مجالس مشوهة يقودها فكر اقتصادي نفعي.

الخبير التنموي أكرم عفيف يرى أن تشكيل المجالس في العهد السابق كان يقوم على أساس العلاقات الشخصية، وأنها مجالس "لا لون لها ولا طعم"، تعمل كواجهة للفساد الحكومي، وتسعى لإرضاء أصحاب السلطة والنفوذ.

ويضيف عفيف أنه لو أخذت هذه المجالس دورها الفعال والصحيح، لشكلت قوة اقتصادية هائلة، يمكن من خلالها العبور إلى أوسع الأسواق العالمية. لكن اليوم، هذا الدور تراجع كثيراً بسبب حالة عدم الاستقرار وعدم وضوح بيئة الاستثمار.

المهندس جمال شعيب، الخبير الاقتصادي، يشاطر الرأي حول الدور المشكوك فيه لمجالس رجال الأعمال في مجال التنمية وتأمين بيئة الاستثمار. ويرى أن هذه المجالس تخلت عن أهم مقومات وجودها، وهي الدخول إلى عالم تشاركية الغير والتفاعل معها.

ويضيف شعيب أن لدينا العديد من المجالس التي نسمع بها، ولكنها لا تحرك الحالة الاقتصادية ولا حتى الاجتماعية. فالأزمات المتلاحقة أدت إلى هجرة رؤوس الأموال السورية، ويعود ذلك بمجمله إلى أهل المجالس وما ينضوي تحت عباءتهم.

على الرغم من الدور الحكومي في تقديم الإجراءات والقرارات الداعمة، إلا أن الغالب دائماً هو الصالح الخاص على العام، وتفضيل المنفعة الشخصية على العامة. الحل يكمن في وجود إدارة نزيهة وخبيرة تستطيع قيادة المرحلة الحالية والقادمة، وتنتقي الخبرات والكفاءات المطلوبة لتشكيل هذه المجالس وفق رؤية مشتركة تخدم الدولة والمجتمع.

مشاركة المقال: