الثلاثاء, 29 أبريل 2025 09:17 PM

محمد صلاح: من نجريج إلى عرش أنفيلد.. قصة أيقونة غيّرت ليفربول والعالم

محمد صلاح: من نجريج إلى عرش أنفيلد.. قصة أيقونة غيّرت ليفربول والعالم

يُعد محمد صلاح واحداً من أعظم لاعبي كرة القدم في تاريخ نادي ليفربول الإنكليزي، وإحدى أهم شخصيات المدينة الشمالية. «الفرعون المصري» تمكّن خلال 8 مواسم قضاها بين أسوار آنفيلد من إعادة «الريدز» إلى الواجهة، رافعاً تباعاً أسهم اللاعب العربي في أكبر الدوريات الأوروبية مع غرسه مسماراً في نعش الاستشراق و«الإسلاموفوبيا».

قصة صلاح تُدرّس. باستثناء رماديته في بعض المواقف السياسية الحساسة، يمكن لمسيرته الكروية أن تشكّل قدوةً لأي حالم، تماماً كما حلمَ هو منذ صغره وعكّز على نفسه عندما حاربه الجميع. في بداياته، شكّك العديد من الكشافين في موهبة صلاح، ما جعله بعيداً عن الأندية المصرية الكبرى. وبعد عامين رفقة المقاولين العرب في الأمتار الأولى من مسيرته الاحترافية، أشارت الساعات السويسرية إلى موعد بزوغ نجمٍ جديدٍ قادم من الشرق، عندما استقدم نادي بازل الشاب المصري عام 2012.

تألّقَ صلاح في سويسرا، وسطعَ نجمه أكثر في دوري أبطال أوروبا، أمام تشيلسي تحديداً، ما جعله يحطّ رحاله في لندن عام 2014. لكن ساعة «البيغ بن» لم توثّق فترةً ناجحة، بل سجّلت عداً تنازلياً لصفقةٍ لم ترقَ إلى التطلعات. وبعد حقبةٍ قوامها الشك والتخبط في تشيلسي ـ مورينيو، أُعير «أبو مكة» إلى فيورنتينا ثم روما الإيطالييْن، وشهدت تلك السنوات نضوج صلاح تكتيكياً حيث اشتُهر بإتقانه الركض في المساحات خاصةً في الهجمات المرتدة.

وفي عام 2017، تغيّر صلاح، وغيّر كرة القدم الإنكليزية إلى الأبد. استقدمَ ليفربول اللاعب المصري رفقة العديد من اللاعبين في حقبة المدرب السابق يورغن كلوب. وفي موسمه الأول، تمكّن صلاح من فرض نفسه كأحد أبرز لاعبي الفريق، ليصبح بعدها النجم الأول.

«معبود» الجماهير بتحقيقه لقب «بريميرليغ» الأحد الماضي بعد مساهمته الغزيرة طيلة الموسم (28 هدفاً)، أصبح في جعبة صلاح «الإنكليزية» لقبي دوري، لقب دوري أبطال أوروبا، بالإضافة إلى تشكيلة واسعة من الكؤوس والجوائز الفردية… لكنّ تأثير «الفرعون المصري» على ليفربول يتجاوز الألقاب، ليشمل كسر التنميط حول العرب والمسلمين، في مدينة ليفربول، وفي العالم.

في المدينة الشمالية، لامسَ صيت صلاح شعبية «البيتلز»، وربما تجاوزهم. صُوَر أبو مكة معروضة في كل أرجاء ليفربول، والشائعات التي تتعلق بأماكن تواجده تنتشر كالنار في الهشيم. المشهدية لخّصتها صحيفة «ذا غارديان» البريطانية بقولها إن الأمر أشبه بـ«لقاءات عابرة مع الإله».

هو واحدٌ من الناس. يحبه الليفربوليون، ويحبهم بدوره. يظهر ذلك، بمعزل عن الملاعب، في الشوارع الشمالية، ومن خلال بعض الحوادث كالتي حصلت في محطة وقود عندما قرّر دفع ثمن وقود الجميع، أو عندما طارد مشجع صغير سيارته فاصطدم بعمود إنارة، قبل أن يتوقف صلاح ويتصوّر مع الفتى الذي ينزف سعيداً بمقابلة معشوقه. هذه العلاقة الوطيدة بين المدينة ولاعبها «الأعظم» لعبت دوراً بارزاً في تجديد عقد صلاح لموسمين إضافيين يُكمل بهما المجد الذي بناه في ليفربول طيلة 8 مواسم. وفي مقابلةٍ حديثة، أشار صلاح إلى انتمائه الوثيق في المدينة الشمالية بقوله: «أصبح أطفالي الآن من أهالي ليفربول».

جسرٌ بين عالمين تألُّق صلاح اللامع من دون أن يأخذه الغرور جعله رمزاً لمختلف الفئات العمرية، وتحديداً الشباب. بالنسبة إليهم، يُعد صلاح قدوة يُحتذى بها، وأحياناً، يشكّل ذلك التأثّر جسراً بين عالميْن. في هذا الصدد، قال الدكتور بدر عبدالله، رئيس جمعية ليفربول الإسلامية: «كان الأطفال في المدارس الذين يحملون أسماء إسلامية يتعرضون للمضايقة أو السخرية إذا أرادوا الصلاة أو الصيام. لقد جعل محمد صلاح هذا الأمر مقبولاً. لأنه مثلنا. يصلي مثلنا، ويتدرب، ويصوم. ويسجد بعد تسجيل الأهداف. يحبّه جماهير ليفربول.

وهو ليس مجرد لاعب كرة قدم بارع، بل يتمتع بشخصية طيبة. إنه شخص لطيف. يتطلب الأمر قوة لجمع كل هذه الأمور وسط الأصوات التي تربط الإسلام بالإرهاب». هو مثلنا، أو كما نحب أن نكون. حالمٌ فقير ضاقت على عينيه أضواء سماء نجريج، فقرّر القتال ليكسب أضواء العالم أجمع.

مشاركة المقال: