الثلاثاء, 20 مايو 2025 06:36 AM

مخيم الهول وسجون قسد: أولويات داعش المتغيرة في سوريا واستراتيجيات التنظيم

مخيم الهول وسجون قسد: أولويات داعش المتغيرة في سوريا واستراتيجيات التنظيم

لامار أركندي – نورث برس

يثير مخيم الهول، الواقع على مشارف بلدة الهول شرق مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، قلق الدول المجاورة لسوريا وحكومات الدول التي قدم منها آلاف الجهاديين من الرجال والنساء المنضمين لتنظيم "داعش"، بالإضافة إلى السجون التي تحتجز فيها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ما لا يقل عن 10 آلاف من الجهاديين. ومع إطلاق تنظيم "داعش" بيانات مرئية ومسموعة تتضمن وعوداً بتحرير عناصره وعوائلهم من مخيم الهول، يطرح المهتمون بملفات الإرهاب السؤال: أيهما أولوية التنظيم، مهاجمة السجون أم المخيمات في شمالي سوريا؟

صدارة أجندة التنظيم

ترى الكاتبة الصحفية رنا الأحمدي، المتخصصة في شؤون المجموعات الجهادية، أن إخراج المحتجزين يتصدر أجندة التنظيم. وتقول لنورث برس إن التنظيم خطط على مدار السنوات السابقة لتنفيذ عمليات على عدة سجون في شمال شرقي سوريا، وعملية سجن الصناعة في 2021 كانت أكبرها. وتشير الأحمدي إلى فشل خلايا "داعش" في إخراج محتجزيها من سجون قسد، مضيفة أن التنظيم حاول مرات عديدة تنفيذ عمليات مشابهة في الرقة وغيرها، إلا أنه لم يحاول تنفيذ عمليات مماثلة لعملية سجن الصناعة ضد المخيمات.

استقطاب مخزون بشري

بدأت قصة مخيم الهول قبل ما يقرب من عشر سنوات مع توسع "داعش" داخل الأراضي العراقية والسورية، وما صاحبه من إعدامات وخطف وسجن وإرهاب للسكان الأصليين. وعقب إزاحة "داعش" عام 2019، استقبل المخيم العديد من أسر عناصر "داعش" الذين قتلوا في المعارك أو الذين ألقي القبض عليهم. وقد وصلت أقصى سعة للمخيم عام 2019 إلى 75 ألف شخص من 48 جنسية، واليوم وصلت الأعداد إلى قرابة 50 ألف، منهم 90 بالمائة من النساء والأطفال. ويوضح الكاتب والباحث بالإرهاب الدولي والإسلام السياسي، طارق أبو السعد، أن "أول استفادة لداعش من مخيم الهول كانت من خلال الأعداد الكبيرة الوافدة من عوائله والقاطنين فيه ممن وفروا رصيدًا بشريًا ضخمًا وإمكانية تجنيده كخلايا بدرجة مرتفعة".

"علاقات لإنجاب جيل جديد"

يقول الصحفي المصري المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية والإسلام السياسي، أديب منير، إن المخيم تحول لنقطة استقطاب للخلايا النائمة ومركز مهم لتجنيد النساء والأطفال وممارسة الأعمال المنافية للآداب. ويشير إلى "سعي نساء داعش إما بالترهيب أو الترغيب على إقامة علاقات غير مشروعة مع الأطفال الذكور وإنجاب جيل جديد من الأطفال الذين ربما يصبحون نواة للإرهاب والتطرف في هذا المكان مستقبلاً". ويرى "أبو السعد" أن قادة داعش يرغبون بإخراج نسائهم وأطفالهم أو على الأقل تهريب عناصرهم المقاتلة من مخيم الهول ليكونوا نواة جديدة لإعادة تمركزهم من جديد في ظل الفوضى الأمنية والعسكرية التي تعاني منها سوريا.

عوائق وتحديات التنظيم

ينوه الصحفي المصري إلى عدة عوائق تعرقل نية قادات التنظيم في تنفيذ هجمات واسعة على المخيمات، أبرزها عدم توفر أماكن آمنة لتلك الأسر، والحاجة إلى تمويل كبير قد يعجز داعش عن توفيره. وفي هذا السياق، ترى الكاتبة الصحفية رنا الأحمدي أن "داعش استفاد من تصدير صور أطفاله ونسائه في المخيم وأنهم يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة ليضمن داعش كسب تعاطف الموالين لهم في الخارج لتغدقه أموال التبرعات التي تصل إلى أرقام كبيرة والتي تعتبر ضمن أحد أبرز أدواته للتمويل الذاتي". ويوضح منير أديب أن قاطني الهول من عوائل التنظيم كانوا يتلقون حوالات مالية من الخارج خاصة من تركيا، مضيفاً أن "حركة الأموال في الهول كانت سريعة وكبيرة قدمت لداعش فرصة الحصول على أموال طائلة اذخرتها في تنفيذ عملياته الإرهابية داخل المخيم عبر خلاياه الخاملة والنشطة".

نفذت قوات سوريا الديمقراطية حملات أمنية عديدة لنزع السلاح من بين أيدي سكان المخيم، ولكن يظل مخيم الهول "قنبلة موقوتة قد تنفجر في أية لحظة". ورغم التغير الذي طرأ في سوريا على صعيد الواقع الأمني والعسكري، إلا أن ذلك لم يكن كفيلاً بإنهاء "الخطر الكامن".

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: