شهدت مدينة مصياف في ريف حماة يوم السبت أول تجربة انتخابية ديمقراطية حقيقية، بعيداً عن هيمنة حزب البعث التي طالما قيدت إرادة السكان. أسفرت هذه الانتخابات عن تشكيل "مجلس مصياف الأهلي"، الذي يهدف إلى معالجة قضايا مجتمعية أساسية، وعلى رأسها تعزيز السلم الأهلي.
وذكرت صفحة "المكتب الإعلامي في منطقة مصياف" أن تأسيس المجلس جاء نتيجة جهود مكثفة استمرت لأشهر، بقيادة نشطاء وفاعلين محليين سعوا إلى إشراك مختلف أطياف المجتمع، من عائلات وفعاليات دينية وسياسية واقتصادية واجتماعية، في حوارات وتحضيرات تهدف إلى تأسيس مرحلة جديدة من العمل الأهلي المستقل.
حضر الجلسة التأسيسية 138 شخصاً من أصل 164 مدعواً، وترشح 35 اسماً لعضوية المجلس، قبل أن ينسحب مرشحان. جرت الانتخابات في أجواء من الحرية والشفافية، حيث تم تقسيم الحاضرين إلى أربع مجموعات تحت إشراف مباشر، واستغرقت عملية التصويت والفرز حوالي ساعة ونصف.
في ختام الجلسة، أعلنت اللجنة الإدارية أسماء الأعضاء الـ 15 الفائزين في الدورة الأولى للمجلس، وهم: عدنان الهيبة، علي محفوري، حسن درزية، ندى الخش، عمار الحلو، عامر جابر، سامح مصطفى، أحمد ضوا، إياد الشيخ علي، عمار حسامو، خلف الصطفوف، معتصم صعب، منى أبو الجدايل، ماهر إسبر، بلال شاهين.
على الرغم من هذه الخطوة الجريئة، اقتصر التمثيل النسائي على سيدتين فقط من أصل 15 عضواً، أي بنسبة 13.33%، وهي نسبة أقل من نصف الكوتا النسائية البالغة 30%.
أول تجربة ديمقراطية بعد سنوات من الإقصاء
عبّر المشاركون عن سعادتهم وامتنانهم لخوض أول تجربة انتخابية نزيهة في حياتهم، بعد سنوات طويلة من الاستبداد والإقصاء، حيث مُنع ملايين السوريين من التعبير عن آرائهم أو اختيار ممثليهم بحرية.
يهدف مجلس مصياف الأهلي، وفقاً لنظامه الداخلي، إلى العمل على قضايا المجتمع، وبناء قنوات تواصل مع مختلف الجهات لتعزيز الحوار وصناعة القرار، مع التركيز على السلم الأهلي والسعي لتحقيق العدالة الانتقالية، كمدخل ضروري لبناء دولة سورية جديدة تقوم على الحرية والكرامة.
سيتم فتح باب الانضمام لعضوية المجلس لاحقاً ضمن ضوابط محددة في نظامه الداخلي الذي ينظم المهام والصلاحيات ويضمن استمرارية العمل المؤسساتي.
في كانون الثاني الماضي، انتخبت مجلس أعيان، وكانت أيضاً المرة الأولى التي يعرف فيها الأهالي معنى الديمقراطية، إلا أن النساء غبن تماماً عن المجلس المنتخب الذي اقتصر على الرجال فقط.
قد لا يكون مجلس مصياف الأهلي هو الحل السحري لكل مشكلات المدينة، ولا تمثيله النسائي مرضياً لطموحات النساء، لكن مجرد عقد انتخابات حرة ونزيهة، يمثل بداية جيدة على أمل أن تنضج لاحقاً بشكل أكبر وتتوسع وتشمل كافة المناطق.