رغم مروره بعدّة عمليات جراحية كبرى، منها زراعة كبد أنقذت حياته، لا تزال الابتسامة لا تفارق وجه الطفل السوري أحمد راعي، ذو الأحد عشر عامًا، الذي يُعرف بروحه المتفائلة وابتسامته المعدية. تقول والدته، آية عقاد: "مهما كان يشعر به، يبقى أحمد دائم الابتسام. يصفه كل من يقابله بأنه أسعد طفل على الإطلاق".
وترى آية أن الفضل في تحسن حالة ابنها يعود إلى هبة نادرة من الإيثار: التبرع بالأعضاء، ففي جراحة حديثة، تلقى أحمد كبدًا من متبرع حي يُدعى ناثان هاو، قس من أوهايو، سبق له أن تبرع بكليته لوالده عام 2020، ليصبح لاحقًا أحد 241 شخصًا فقط في الولايات المتحدة تبرعوا بعضوين مختلفين لشخصين خلال الثلاثين سنة الماضية.
يعاني أحمد من مرض وراثي نادر يُدعى "الركود الصفراوي داخل الكبد العائلي التقدمي من النوع الثاني (PFIC2)"، وهو مرض يعيق الكبد عن معالجة العصارة الصفراوية، ما يؤدي إلى تراكمها وتلف الكبد تدريجيًا. ومع تدهور حالته، أبلغ الأطباء الأسرة المقيمة في دبي بالحاجة العاجلة إلى زراعة كبد، ليبدؤوا رحلة علاجية طويلة إلى مستشفى كليفلاند كلينك في ولاية أوهايو.
وفي عام 2016، خضع أحمد لأول عملية زراعة كبد من متبرعة حية تُدعى بيكي كيبيل. وبفضل قدرة الكبد على التجدد، يمكن للمتبرعين الأحياء التبرع بجزء من كبدهم الذي يعود للنمو لاحقًا. وبعد فترة من التحسن، ظهرت لدى أحمد مضاعفات في القنوات الصفراوية تطلبت تدخلاً جديدًا. ومع تفاقم الحالة، أُدرج اسمه مجددًا على لائحة انتظار الزراعة.
بالتزامن، كان ناثان هاو يخضع للفحوصات اللازمة ليصبح متبرعًا حيًا بالكبد، وأُجريت له العملية باستخدام الجراحة التنظيرية، وهو إجراء متطور يقلل من فترة التعافي مقارنة بالجراحة التقليدية. وتمت مطابقة جزء من كبد ناثان مع حالة أحمد، وفي يوليو 2024، خضع الطفل لعملية زراعة ناجحة، ومنذ ذلك الحين، لم تظهر أي علامات لمضاعفات، ويواصل أحمد التقدم والتعافي.
عاد إلى مدرسته، يدرس مواده المفضلة: الإنجليزية والعلوم، ويلعب كرة القدم وألعاب الفيديو مع شقيقته. وتقول والدته: "كليفلاند كلينك لم يكن مجرد مستشفى بالنسبة لنا، بل منزلًا ثانيًا. لقد حصلنا هناك على كل الدعم الذي كنا نحتاجه، نفسيًا وإنسانيًا". أما أحمد، فيضيف: "لم يعاملونا كمرضى فقط، بل كعائلة".
وبتنسيق من منسق زراعة الأعضاء، التقى أحمد وعائلته بالمتبرع ناثان، وفي لحظة مؤثرة، قال له الطفل: "عندما أخبرتني أمي بوجود متبرع، قفزت من الفرح، واحتضنت والدي".