يمثل معرض دمشق الدولي حدثاً محورياً في تاريخ سوريا الحديث، فهو ليس مجرد منصة اقتصادية وتجارية، بل رمز للانفتاح والحضارة السورية، وواجهة تعكس الدور التاريخي لدمشق كعاصمة للثقافة والتجارة على مر العصور.
إن انعقاد المعرض بعد التحرير يمثل شهادة حية على قدرة الشعوب على استعادة دورها ومكانتها مهما طال الزمن. فدمشق اليوم لا تستعيد معرضها فحسب، بل تستعيد دورها كقلب نابض للأمة، ومكان يلتقي فيه الشرق والغرب من جديد. هذه لحظة تاريخية تؤكد عودة سوريا إلى خريطة العالم، أكثر قوة وانفتاحاً وإصراراً على بناء مستقبل يليق بتضحيات أبنائها.
تأتي عودة المعرض بعد مرحلة صعبة عاشتها البلاد، وبعد أن تحررت سوريا من نظام أثقل كاهلها بالعزلة والانقسام، لتفتح دمشق أبوابها مجدداً أمام العالم.
تحمل عودة المعرض في هذا التوقيت دلالات سياسية عميقة. فبعد سنوات من الانغلاق، تعود دمشق اليوم كعاصمة ترحب بالوفود الرسمية والتجارية والثقافية من مختلف أنحاء العالم. هذا الانفتاح يعكس انتقال سوريا إلى مرحلة جديدة قائمة على السيادة الوطنية، ويؤكد أن زمن العزلة قد ولى، وأن سوريا على طريق استعادة دورها الإقليمي والدولي.
لقد تعرضت صورة دمشق في الإعلام العالمي خلال السنوات الماضية للتشويه. واليوم، من خلال هذا الحدث، تعيد العاصمة السورية رسم ملامحها كمدينة حضارية، تنبض بالتاريخ وتطل على المستقبل. احتضان دول العالم على أرضها يعني أن دمشق استعادت ثقة شركائها، وعادت لتكون نقطة التقاء الشرق والغرب.
إن عودة المعرض بعد التحرير ليست مجرد نشاط تجاري، بل هي بداية عملية لإحياء الاقتصاد الوطني. فالمعرض يجذب الاستثمارات ويتيح فرصاً للتبادل التجاري، ما يساعد في إعادة تشغيل المصانع السورية، ودعم قطاع الزراعة، وتحريك عجلة الإنتاج. كما يشكل منصة لتسويق المنتج السوري الذي صمد رغم الظروف، وليعود منافساً في الأسواق الإقليمية والعالمية.
كان معرض دمشق الدولي على الدوام عرساً شعبياً ينتظره السوريون بشغف. اليوم، بعد التحرير، يعود ليكون مساحة للفرح واللقاء، وليؤكد أن سوريا ليست فقط أرض مواجهة وصراع، بل أيضاً أرض ثقافة وفنون وإبداع. وستكون عودة الفعاليات الفنية والموسيقية والمسرحية في إطار المعرض دليلاً على أن الحياة تنتصر، وأن الشعب السوري قادر على النهوض من جديد.
من الناحية الرمزية، فإن عودة المعرض هي إعلان بأن دمشق التي قاومت وتحررت، لم تعد منغلقة على ذاتها، بل أصبحت مجدداً عاصمة مفتوحة لكل من يرغب بالتعاون والتبادل. إنها دعوة للعالم كي يرى سوريا الجديدة: سوريا الحرية، وسوريا الحضارة، وسوريا التي تستقبل ضيوفها بكرمها المعهود.
وائل العدس