الإثنين, 16 يونيو 2025 02:32 PM

من شغف إلى اكتفاء: قصة نجاح سيدة سورية تحول زراعة الفطر لمشروع ريادي في ريف دمشق

من شغف إلى اكتفاء: قصة نجاح سيدة سورية تحول زراعة الفطر لمشروع ريادي في ريف دمشق

من قلب ريف دمشق، حيث تختلط رائحة التراب بأحلام النساء المكافحات، نجحت السيدة أميرة بيطار في تحويل شغفها بالزراعة إلى مشروع إنتاجي متكامل، كان بوابتها نحو الاستقلال الاقتصادي، وفرصة لتأمين فرص عمل محلية، ولتكون قدوة في مجتمعها كامرأة منتجة ومؤثرة.

في حديث خاص لمنصة سوريا 24، تروي أميرة بداية رحلتها مع زراعة الفطر، قائلة: "قبل أن أبدأ بمشروعي كنت ربة منزل. جذبتني الزراعة منذ طفولتي، ونشأت في بيئة زراعية. قبل حوالي عشرة أعوام، شاهدت إعلانًا عن دورة تدريبية في زراعة الفطر، وكان هذا المجال لا يزال جديدًا على السوريين، فقررت خوض التجربة بدافع الشغف، ورغبة بأن أكون فاعلة في المجتمع".

في عام 2016، أطلقت أميرة مشروعها بزراعة الفطر المحاري، بإمكانات محدودة، بمساعدة المهندس الزراعي كنان الشالط الذي قدم لها نصائح مهمة وأشرف على تعليمها أدق التفاصيل حيث واجهت تحديات كبيرة في البدايات، لكن إصرارها دفعها لتعلّم كل ما يتعلق بالأمراض والمعوقات من خلال التجربة والملاحظة على أرض الواقع.

وعن تلك اللحظة الأولى التي نجحت فيها بإنتاج الفطر، تقول: "كانت المذاق لا يُنسى… طعمه كان لذيذًا، لكن الألذ كانت لذّة النجاح".

مشروع قابل للتوسع… ودعوة للشراكة

تبلغ مساحة المشروع اليوم حوالي 500 متر مربع، تستثمر منها حاليًا ثلاث غرف مخصصة للإنتاج، مع التحضير لاستثمار ثلاث غرف إضافية جاهزة من حيث العزل والتهيئة.

وتسعى أميرة لتوسيع المشروع تدريجيًا، إذ أن الدراسة الأساسية تقوم على إنشاء 24 غرفة إنتاج، وقد تم بناء ست غرف حتى الآن. وتوضح بيطار أن إنتاج كيلوغرام واحد من الفطر يعتمد على جودة البذار ونوعية الكمبوست، حيث يمكن لكل متر مربع بارتفاع 25 سم أن ينتج بين 25 إلى 30 كيلوغرامًا من الفطر.

ويُباع كيلو الفطر حاليًا بسعر يتراوح بين 40 إلى 60 ألف ليرة سورية، وهو ما يجعل المشروع مجديًا اقتصاديًا ومصدر دخل ثابت. أما على صعيد التسويق، فتقول: "بعد قرابة عشر سنوات من العمل، أصبح لدينا اسم معروف في السوق، ولم أعد أواجه صعوبات في تسويق الإنتاج، نحن اليوم نعمل كفريق ضمن إطار منظم، يشبه الشركة".

نقل الخبرة والتدريب العملي

تؤمن أميرة بأن النجاح الحقيقي لا يكتمل إلا بمشاركة المعرفة، ولهذا بدأت بتنظيم دورات تعليمية نظرية وعملية في مزرعتها، لجميع من يرغب بتعلّم زراعة الفطر، سواء من السيدات أو الشباب الباحثين عن فرصة.

وتضيف: "نرحب بكل من يريد التعلم، ونقدم إشرافًا وتجهيزًا لمشاريع زراعة الفطر لأي شخص يرغب بإطلاق مشروعه الخاص. نحن نؤمن أن المعرفة الزراعية يجب أن تُنقل، وهذا جزء من رسالتنا في التمكين المجتمعي".

تمكين اقتصادي بجهود فردية

تجربة أميرة بيطار تؤكد أن المرأة السورية قادرة على صناعة الفارق، حتى وسط بيئة مليئة بالتحديات، فقد صنعت مشروعها بجهود ذاتية، ووسّعته بالخبرة والمثابرة، لتتحول إلى نموذج ملهم في التمكين الاقتصادي المحلي، وداعمة تنموية لسيدات كثر في ريف دمشق وخارجه.

في الختام، ليست زراعة الفطر مجرد زراعة محصول بالنسبة لأميرة، بل مشروع حياة، يثمر بكرامة واستقلال، ويفتح الباب لأحلام أكبر تتجاوز حدود المزرعة، نحو اقتصاد اجتماعي تشاركي تقوده النساء.

مشاركة المقال: