الأحد, 20 أبريل 2025 11:05 AM

من يدعم الحكومة السورية الجديدة ومن يعارضها؟

من يدعم الحكومة السورية الجديدة ومن يعارضها؟
مر أكثر من ثلاثة عشر عامًا على اندلاع الثورة السورية وسقوط نظام الأسد، لكن الفرحة التي طالما حلم بها السوريون لم تكتمل كما أرادوا، إذ ألقت خيبات الأمل في تاريخ الثورة بظلالها على أي تطلعات للمستقبل. بعد الإطاحة بالنظام السابق، ورثت الحكومة الجديدة في دمشق بلدًا مدمرًا وشعبًا مقسمًا وشرعية قيد التكوين، مما يجعلها أمام تحديات هائلة لإعادة بناء الدولة. وبينما يرافق تشكيلها جدل واسع، فإن دعمها أو رفضها لم يكن بالإجماع، حيث هناك من يضع فيها آمالًا، ومن يعارضها، ومن يؤيدها بحذر. ### **تصنيف المؤيدين للحكومة الجديدة** #### **1. المؤيدون بحكم العادة - الولاء للاستقرار لا للسياسة** تشمل هذه الفئة من يبحثون عن سلطة توفر الأمان والخدمات الأساسية، من دون اهتمام كبير بجوهر النظام الحاكم أو خلفيته. بعد عقود من العيش تحت حكم استبدادي، تشكل لدى هؤلاء قناعة بأن الخوف من الفوضى أسوأ من الاستبداد. ورغم أنهم لا يعبرون عن ولاء شخصي للحكومة الجديدة، فإن قدرتها على توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة يجعلهم راضين أو متجنبين للاعتراض. #### **2. الإسلاميون وحلم العودة** شهدت دمشق، المدينة ذات الإرث الديني العريق، عودة ملحوظة للتيارات الإسلامية المختلفة: - **التيار الأشعري/الصوفي التقليدي:** يتمثل في علماء دين يميلون إلى التوازن وعدم التصادم مع الدولة، وهو تيار يدعم الحكومة الجديدة بتحالف حذر. - **التيار السلفي:** يسعى لإعادة أسلمة المجتمع تدريجيًا دون صدام مباشر. - **تيار الإسلام السياسي:** يتبنى خطابًا معتدلًا، يجمع بين الهوية الإسلامية ومفاهيم الحكم المدني. على الرغم من اختلاف الأيديولوجيات، فإن التحالف بين هذه التيارات قائم على المصالح المشتركة، لكنه تحالف هش قابل للتفكك مع احتدام التنافس على النفوذ. #### **3. الواقعيون المتفائلون** تمثل هذه الفئة أبناء الثورة الذين باتوا يرون في الاستقرار النسبي إنجازًا أقل سوءًا من الفوضى، مؤمنين بجدوى الإصلاح التدريجي. يدعم هؤلاء الحكومة بشرط توفيرها مساحة للحريات والعمل المدني، ويرون فيها فرصة محتملة للتغيير على المدى الطويل. #### **4. المستفيدون والانتهازيون** تضم هذه الفئة شخصيات براغماتية استفادت سابقًا من الفساد والتبعية في النظام السابق، وتعيد اليوم تقديم نفسها في المشهد الجديد. بخلفية من الفساد والمحسوبيات، تسعى هذه الشخصيات إلى الحفاظ على نفوذها، مما يشكل تهديدًا حقيقيًا لأي إصلاح حقيقي. ### **المعارضة للحكومة الجديدة** #### **1. العلمانيون الراديكاليون** تنتقد هذه الفئة أي اقتراب بين الدين والدولة، متمسكة بمشروع سوريا المدنية. إلا أن غياب قاعدة شعبية عريضة أضعف صوتها. #### **2. الحركات الكردية القومية** رغم دعمها الأولي لبعض مظاهر الثورة، بقيت هذه الحركات متوجسة من الحكومات المركزية. ترفض الحكومة الجديدة التي لا تمثل بنظرها حقوق الأكراد بشكل كافٍ، معتبرة أنها امتداد للسلطات السابقة. #### **3. الدروز في السويداء** يشعر كثيرون من هذه الطائفة بالخطر من أي تغيير يحمل طابعًا طائفيًا أو أيديولوجيًا، ما يجعلهم متوجسين من الحكومة الجديدة. #### **4. المثقفون المستقلون** يصرون على أن الثورة كانت حلمًا يهدف لتحرير الإنسان، لكنهم يجدون أنفسهم اليوم مهمّشين في ظل الأجواء السياسية التي باتت تركز على الصفقات بدلًا من القيم. ### **الفئة الصامتة** تشكل الأغلبية الصامتة من الشعب السوري الذين أنهكتهم الحرب والتشريد. لا تعبر هذه الفئة عن موقف واضح من الحكومة أو المعارضة، لكنها قد تحسم ميزان القوى في المستقبل، بناءً على قدرة الحكومة على توفير الأمان والخدمات. ### **الثورة بين الماضي والحاضر** لا تعني تأييد الحكومة الجديدة بالضرورة منحها شرعية مطلقة، كما أن معارضتها لا تعني الحنين للنظام السابق. المشهد السوري اليوم معقد ومليء بالتناقضات؛ خليط من المصالح والرهانات والأحلام. لتنجح الحكومة، عليها أن تتجاوز الشعارات وتواجه الحقيقة بجرأة وإنصاف، لأن السوريين اليوم لا يمنحون التأييد إلا لمن يحقق الأفعال، وليس الوعود.
مشاركة المقال: