الإثنين, 22 سبتمبر 2025 08:44 PM

ميثاق الشرف الإعلامي: خطوة لمواجهة خطاب الكراهية وحماية المجتمع

ميثاق الشرف الإعلامي: خطوة لمواجهة خطاب الكراهية وحماية المجتمع

ماذا يحدث لو شعر الصحفي بأن تبني خطاب الكراهية أو التحريض الطائفي سيعرضه لخسارة وظيفته؟ لا شك أن هذا سيكون رادعاً قوياً، يمنع الكثيرين من الانزلاق إلى هذا الخطاب الذي رأينا آثاره المؤلمة مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعي. فالكلمة في سوريا تحولت إلى رصاصة ساهمت في قتل الأبرياء، وحرمان الطلاب من التعليم، وزيادة تمزيق الروابط الاجتماعية الهشة أصلاً.

سناك سوري-داليا عبد الكريم

تقوم الفكرة على وضع كل مؤسسة إعلامية "ميثاق شرف" داخلياً، يحدد بوضوح مبادئ وشروط العمل الصحفي، ويرفض خطاب الكراهية والتحريض الطائفي، ويلتزم بالشفافية والدقة، والتوازن في التغطية، واحترام المعايير المهنية. يجب ألا يظل هذا الميثاق مجرد حبر على ورق، بل يجب أن يكون وثيقة ملزمة يوقع عليها جميع العاملين، من إداريين وصحفيين، ويتعهدون بعدم المساهمة في التحريض الطائفي أو نشر خطاب الكراهية، بما في ذلك ما ينشرونه على صفحاتهم الشخصية.

فالمؤسسة لا يمكنها فصل صورتها عن صورة الصحفيين التابعين لها، وحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت امتداداً لصوتها. لذلك، يصبح من الضروري أن يشمل الميثاق حظر نشر أي محتوى يتضمن كراهية أو عنفاً أو تمييزاً، مع تحديد عقوبات واضحة للمخالفين. يمكن أن تبدأ هذه العقوبات بالتنبيه، ثم الإنذار، ثم الخصم من الراتب، وصولاً إلى فسخ العقد أو الفصل في حال تكرار الانتهاكات.

بهذه الطريقة، يتحول الميثاق إلى منظومة ردع عملية، وليس مجرد توصيات أخلاقية. كما أن إدراج "قائمة سوداء" داخلية بأسماء من يخالفون هذه القواعد يجعل الجميع يدرك أن المؤسسة تضع سمعتها ومصداقيتها فوق أي اعتبار. فالمسألة هنا ليست تقييداً للحريات، بل حماية للمهنة من الانحراف، وللمجتمع من خطاب يؤجج الانقسامات ويهدد السلم الأهلي.

عندما يوقع الصحفي عقد عمله، فإنه يدرك أنه يوقع أيضاً على التزام أخلاقي يحدد معايير سلوكه المهني والشخصي. وهذا يعزز ثقافة الانضباط والمسؤولية، ويمنح المؤسسة أداة عملية لحماية صورتها أمام جمهورها، الذي لم يعد يتسامح مع الانحيازات أو التحريض.

إن مواجهة خطاب الكراهية لا تتحقق بالشعارات وحدها، بل بخطوات ملموسة على مستوى كل مؤسسة إعلامية. والميثاق الذاتي ليس مجرد ورقة، بل إعلان صريح بأن الإعلام قادر على ضبط نفسه بنفسه، إذا توفرت الإرادة والإدارة الجيدة.

في النهاية، لن يوقف خطاب الكراهية أي قانون مهما اشتد، ما لم تبدأ المؤسسات الإعلامية من داخلها، وتثبت أن الكلمة مسؤولية لا تقل وزناً عن الرصاصة، وأن الصحافة الحقيقية لا تبنى إلا على ميثاق شرف يحمي المجتمع قبل أن يحمي المهنة.

مشاركة المقال: