الثلاثاء, 18 نوفمبر 2025 05:28 PM

نزوح طلاب الحسكة إلى رأس العين: المدارس مكتظة والسبب توقف التعليم الحكومي

نزوح طلاب الحسكة إلى رأس العين: المدارس مكتظة والسبب توقف التعليم الحكومي

تشهد مدارس مدينة رأس العين ازدحامًا ملحوظًا بسبب توافد الطلاب من محافظة الحسكة، وذلك عقب تعليق العمل بالمنهاج الحكومي في المناطق الخاضعة لسيطرة "الإدارة الذاتية"، الذراع الحوكمي لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في شمال شرقي سوريا. وقد انضم عدد كبير من الطلاب في مختلف المراحل الدراسية، من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية، حيث يخضعون للامتحانات وفقًا للمنهاج الحكومي المعتمد في المدينة.

مناهج تفتقر للاعتراف الرسمي

اضطر محمد السمعو، البالغ من العمر 52 عامًا، لترك منزله وعمله في محافظة الحسكة والعودة إلى مدينة رأس العين بعد غياب دام ثمانية أعوام، وذلك نتيجة لقرار "الإدارة الذاتية" بإيقاف العمل بالمنهاج الحكومي في الحسكة وتبني مناهجها الخاصة. وأوضح السمعو لعنب بلدي أن منهاج "الإدارة الذاتية" غير مقبول لديهم لعدة أسباب، أهمها عدم الاعتراف الحكومي به وعدم توافقه مع قيمهم الأخلاقية والدينية، معتبرًا إياه "تعليمًا مؤدلجًا يضم أفكارًا ماركسية بعيدة عن أفكارهم". وأشار إلى أن العديد من العائلات، من سكان رأس العين الأصليين ومن أهالي الحسكة، تتواصل معه يوميًا للبحث عن منازل وتسجيل أطفالهم في المدارس الحكومية.

واستأجر عامر السليم، وهو من سكان النشوة الغربية في محافظة الحسكة، منزلاً في مدينة رأس العين بمبلغ 80 دولارًا شهريًا، ليتمكن أبناؤه الأربعة من إكمال تعليمهم الثانوي بعد منع "الإدارة الذاتية" التعليم الحكومي في مناطقهم. وذكر عامر لعنب بلدي أنه دفع 800 دولار لعبور أبنائه إلى رأس العين عبر طرق التهريب لضمان استكمال تعليمهم، خاصة وأنهم في المرحلة الثانوية. وأرجع السبب إلى عدم توافق منهاج "الإدارة" مع معتقداتهم وعدم وجود أي اعتراف رسمي به، بالإضافة إلى ابتعاده عن بيئة المنطقة العشائرية والقبائلية. وأشار إلى أنه يضطر لزيارة أبنائه كل شهر للاطمئنان عليهم، رغم صعوبة الطريق، معربًا عن أمله في أن تتراجع "الإدارة الذاتية" عن قرارها وتعيد التعليم الحكومي لتمكين أبنائه من العودة إلى الحسكة.

يجد الأهالي في مناطق سيطرة "قسد" أنفسهم مضطرين للانتقال إلى مدينة رأس العين أو مناطق أخرى داخل سوريا لضمان استمرار تعليم أبنائهم، بعد توقف التعليم الحكومي واعتماد مناهج غير معترف بها رسميًا ولا تتوافق مع قيمهم. وكانت هيئة التربية والتعليم في "الإدارة الذاتية" قد أبلغت المدارس الخاصة والعامة بأنه لن يُسمح بتدريس المنهاج الحكومي السوري في أي مؤسسة ضمن مناطق سيطرتها، شمال شرقي سوريا، منذ بداية العام الدراسي الحالي، وأصدرت قرارًا بتوحيد المنهاج الذي وضعته سابقًا.

أزمة مستمرة

تمثل قضية التعليم في شمال شرقي سوريا تحديًا كبيرًا، حيث يواجه الأهالي صعوبات في توفير تعليم مستقر لأبنائهم، وتتفاقم الأزمة بسبب التناقضات بين المناهج التعليمية المختلفة، مما يؤدي إلى نتائج سلبية على المجتمع، أبرزها ارتفاع معدلات الجهل والانحراف. وكانت "الإدارة" قد فرضت منذ العام 2020 منهاجًا تعليميًا في المناطق الخاضعة لها بدير الزور والحسكة والرقة وحلب، إلا أنه قوبل بالرفض من قبل بعض السكان، وشهدت المنطقة لسنوات احتجاجات على سير العملية التعليمية.

اكتظاظ في الصفوف

تشهد مدارس رأس العين اكتظاظًا بالطلاب القادمين من الحسكة بعد توقف التعليم الحكومي هناك، وقد زاد عدد الطلاب في كل صف بما يقارب 10 إلى 15 طالبًا، بحسب مدير مدرسة "عبد الكريم كوسا" برأس العين، عامر كنو. وأوضح كنو لعنب بلدي أن المدرسة سجلت زيادة في أعداد الطلاب منذ توقف التعليم الحكومي في مناطق سيطرة "قسد"، وأن إدارة المدرسة عملت منذ بداية قدوم الطلاب على توفير احتياجاتهم من مقاعد ومستلزمات دراسية، أهمها الكتب. وذكر أنه نتيجة للضغط الكبير على المدرسة، تم تقسيم الدوام على فترتين صباحية ومسائية لتنظيم الصفوف وتخفيف الاكتظاظ، مع ضمان استمرار العملية التعليمية.

بدوره، قال رئيس المجلس المحلي لمدينة رأس العين، محمد حمزة، لعنب بلدي إن مديرية التربية والتعليم في المجلس المحلي سجلت ما يقارب 1020 طالبًا قادمًا من مناطق سيطرة "قسد" لإكمال تعليمهم في المدينة. وأوضح أن المجلس المحلي، من خلال مكتب التربية والتعليم، سعى لتقديم كل التسهيلات للطلاب القادمين من الحسكة والرقة وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة "قسد"، وأهمها قبول تسجيل الطلاب واستخراج الوثائق الرسمية لهم. وأشار إلى أنه بالتعاون مع عدة جمعيات، تم توزيع قرطاسيات ومستلزمات مدرسية للطلاب الوافدين، مع متابعة احتياجاتهم لضمان استمرار تعليمهم بشكل منتظم.

تقع رأس العين بمحاذاة الحدود التركية، وتسيطر عليها الحكومة السورية، بينما تحيط بها جبهات القتال مع "قسد"، إذ يعتبر منفذها الوحيد نحو الخارج هو الحدود التركية.

مشاركة المقال: