أثار موضوع "الهوية البصرية" جدلاً واسعاً مؤخراً، خاصة بعد تداول تصميم العقاب السوري الجديد وشعار نقابة الفنانين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يرى عبد الهادي الشماع أن الانتقادات ركزت بشكل أساسي على فكرة أن المصمم استوحى تصميمه من النسر الألماني الشهير، وحاول تقليده في تفاصيل متعددة، وهو أمر وارد. إلا أنه يعتقد أن هذا الحكم غير منصف، لأن مشاكل التصميم تكمن في جوانب أخرى.
ويضيف الشماع أن التشابه بين الطائرين أمر طبيعي إلى حد ما، فالرمز يتكون من رأس وجناحين وساقين وذيل وجسم، وهذه الأجزاء لا تقبل الكثير من التعديل والتحوير، مما يفرض نوعاً من التشابه بين التصاميم. المشكلة الأساسية تكمن في الثقافة البصرية وما اعتدنا عليه. فالرمز القديم، الذي اعتمد قبل 80 عاماً، كان يتميز بخطوطه اللينة وتمركزه المركزي، كما يظهر في الوجه الثاني لليرة السورية المعدنية أو في الرتب العسكرية، وكان التلاصق بين ريش الجناح يساهم في ذلك.
أما في الشكل الجديد، فقد ظهرت فراغات بين الريش، وهذا ما أوجد تشابهاً بصرياً بين جناح العقاب السوري الجديد وجناح النسر الألماني. هذا التشابه يعود جزئياً إلى أن النسر الألماني أصبح مألوفاً في ثقافتنا البصرية، بدءاً من الإعجاب بالمنتخب الألماني لكرة القدم الذي يظهر النسر على قمصان لاعبيه، وتشجيع الكثير من السوريين له، وصولاً إلى موجة اللجوء الكبيرة إلى ألمانيا مؤخراً، حيث ربما يعيش الكثير من المنتقدين للتصميم الجديد في ألمانيا، مما سهل عقد المقارنة.
بالإضافة إلى ذلك، يرى الشماع أن النجوم الثلاثة فوق رأس الطائر في التصميم الجديد تحمل دلالات غير مستحبة، فهي تذكر بالدوار والدوخة التي تظهر في أفلام الكارتون بعد التعرض لضربة على الرأس، وهذا يسيء للرمز ويضيف لمسة كوميدية غير ضرورية. المشكلة الأعمق، برأيه، ليست في التشابه أو الاقتباس، بل في عدم الثقة بالنفس والاعتقاد بأن المصممين السوريين غير قادرين على تقديم تصميم إبداعي دون الاعتماد على الغرب، وهو ما تم تكريسه من خلال تصاميم تبين أنها كانت مقتبسة فعلاً.
ويضيف أن مهمة الهوية البصرية هي تقديم رسالة مكثفة وبليغة، لكن العقاب الجديد صمم بالاعتماد على الخطوط المستقيمة الحادة والزوايا الهندسية التي تقدمه بشكل قاس وقوي وأكثر صلابة، في حين أن السلطة الحالية تقدم نفسها كمسالمة، وربما بصدد توقيع اتفاق سلام مع اسرائيل. بالتالي، فإن التصميم الجديد يعبر عن شخصية بلد آخر، له سياسة أخرى، إلا إذا كانت السلطة الحالية تريد أن تعلن غير ما تبطن. وعلى العكس من ذلك، كان النظام السابق يقدم نفسه كمقاوم عنيد، بينما كان شعاره المعتمد يبدو غير عدواني.
(اخبار سوريا الوطن ٢-صفحة الكاتب)