الإثنين, 17 نوفمبر 2025 02:28 AM

نوار بلبل يتعهد بفسح المجال لانتقاد السلطة من أعلى الهرم: المسرح السوري سينهض مجددًا

نوار بلبل يتعهد بفسح المجال لانتقاد السلطة من أعلى الهرم: المسرح السوري سينهض مجددًا

عنب بلدي – أمير حقوق – وسط تزايد الحديث عن قرب توليه إدارة مديرية المسارح في سوريا، يعود نوار بلبل إلى دائرة الضوء كأحد الشخصيات البارزة التي لا تزال تؤمن بأن للمسرح دورًا يمكن أن يلعبه في النهوض مجددًا.

بلبل، المعروف بحضوره الطاغي على خشبة المسرح، لا يكتفي بتقديم شخصيات متنوعة في الأعمال الدرامية، بل يحمل شغفًا قديمًا بأن يكون الفن مساحة مفتوحة للحياة والتساؤلات.

في حوار خاص مع عنب بلدي، تناول بلبل العديد من القضايا المتعلقة بالمسرح السوري، والرقابة على الأعمال الفنية، والدور المنتظر من المؤسسات الثقافية السورية في إعادة إحياء القطاع الفني بعد سنوات من التحديات، بالإضافة إلى تمسكه بإعادة إحياء المسرح السوري.

المسرح السوري.. خطوات نحو المستقبل

يُعد الفنان السوري نوار بلبل من الوجوه الفنية التي تركت بصمة واضحة في المشهد الفني السوري، سواء في المسرح أو في الدراما، حيث أجاد تقديم أدوار متنوعة بين التراجيديا والكوميديا والاجتماعية، ليثبت مكانته في الفن السوري.

عاد بلبل إلى سوريا بعد 15 عامًا من الغربة بسبب معارضته للنظام السابق، وقدم عرض "وردة إشبيلية" المسرحي في دار "الأوبرا" بدمشق.

يعتقد بلبل أن المسرح السوري لا يزال حيًا رغم التحديات الكبيرة التي واجهته خلال السنوات الماضية، مؤكدًا أن "المسرح السوري لم يتوقف، ونحن هنا لنقدم عروضًا جديدة تعيد الروح لهذا الفن العظيم".

أشار نوار بلبل إلى أن العديد من الناس وصناع الفن كانوا يعتقدون أن الفن والمسرح في سوريا قد انتهيا بعد التحرير، لكن الواقع يثبت عكس ذلك، فالفن السوري لا يزال موجودًا، والمسرح سيظل أحد أعمدته الأساسية.

منذ حوالي شهرين، انتشرت أخبار على وسائل التواصل الاجتماعي حول قرار تعيين نوار بلبل مديرًا لمديرية المسارح والموسيقا في سوريا، دون إعلان رسمي أو تأكيد منه.

أوضح بلبل لعنب بلدي أنه لم يتسلم منصبه رسميًا حتى الآن، متوقعًا صدور قرار التعيين في الأيام القليلة المقبلة.

وحول تطلعاته المستقبلية لدعم المسرح السوري عند توليه الإدارة، تحدث بلبل عن أهمية توفير الدعم الحكومي والفني لإعادة بناء هذا القطاع الثقافي المهم.

قال بلبل: "إذا توليت إدارة المسارح في سوريا، سيكون أول قرار لي هو رفع الميزانية المخصصة لدعم الثقافة والفن"، معتبرًا أن دعم الدولة للمسرح أمر أساسي، ولكن من المهم أيضًا أن تكون هناك رؤية ثقافية جديدة تعزز الإنتاج الفني، وتدعم المبدعين في الداخل والخارج.

أكد بلبل أنه مع تراجع الرقابة على النصوص، يريد رفع سقف النصوص المسرحية، موضحًا: "إذا وصلني نص مسرحي ينتقد السلطة، أو يطرح قضايا حساسة مثل الفساد أو سوء الأداء في المؤسسات، لن أوقفه طالما أنه يحمل رسالة هادفة"، مضيفًا أن "سوريا الآن لأهلها، ومن واجبنا أن نرفع الصوت عندما نجد شيئًا غير صحيح في المجتمع، سواء كان في الحكومة أو في أي مجال آخر".

يجب أن يبدأ النقد من رأس الهرم وصولًا إلى أصغر موظف، لم تعد هناك مرحلة تقديس الأشخاص، ولا مكان للحديث عن الآلهة أو الأبطال، فنحن اليوم نعيش في مرحلة مختلفة.

الفنان السوري نوار بلبل

تساءل بلبل: "إذا كانت المسرحية تنتقد مثلًا أداء السلطة أو تسلط الضوء على فساد ما، لماذا لا تنتقده؟ لماذا يجب أن نخشى قول الحقيقة؟"، وأكد أن الفن يجب أن يكون جريئًا في طرح القضايا، ويجب أن يعكس الواقع بكل تفاصيله، مهما كانت "حساسة".

أشار بلبل إلى أن هذه الحرية والجرأة تحيطها حدود غير سياسية، فمن واجب المديرية أن تسمع آلام الناس وأن تسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم، ولكن بالمقابل لا يمكن السماح لأي خطاب يحمل عناصر عنصرية أو طائفية أو مذهبية، فهذا يتعدى على حقوق الآخرين ويؤدي إلى تقسيم المجتمع.

هل تشهد الدراما تغييرًا؟

عند سؤاله عن مستقبل الدراما السورية بعد سقوط نظام الأسد، أعرب بلبل عن تفاؤله بحذر، قائلًا: "أنا شخصيًا لا أعتقد أن هناك تغييرًا كبيرًا حتى الآن، لأننا ما زلنا ندور في نفس الدائرة من المواضيع التقليدية"، معربًا عن أمله في أن يشهد العام 2026 انطلاقة جديدة في الأعمال الدرامية، خاصة إذا جرى تجاوز القيود القديمة وتقديم مواضيع جديدة تعكس التحولات التي يشهدها المجتمع السوري.

دعا بلبل إلى أن تتناول الأعمال الدرامية قضايا تهم الجمهور السوري، بعيدًا عن القصص التي اعتادها المشاهدون في السنوات الماضية، مثل حكايات البيئة الشامية، والمشكلات الاجتماعية التي تكررت كثيرًا، بل أن تنتقل الأعمال إلى طرح المواضيع بشجاعة وجرأة، دون الخوف من الرقابة أو المنع.

لم يخفِ بلبل رغبته في تقديم أعمال فنية تُظهر التغيير الذي حدث في المجتمع السوري، مع التأكيد على ضرورة أن تتعامل الأعمال الدرامية والمسرحية مع الواقع بشكل جريء وواقعي، موضحًا أن "الناس بحاجة إلى فن يعكس حياتهم وأحلامهم، وليس فنًا يفرغها من معناها".

الفن جزء من الحل

في ختام حديثه، أكد بلبل ضرورة أن يكون الفن جزءًا من الحل في سوريا، قائلًا: "الفن يمكن أن يكون قوة مغيّرة، وعلينا أن نستمر في تقديم أعمال تُلهم الجمهور وتجعله يعيد التفكير في واقعنا".

رغم التحديات التي ما زالت تواجهها الصناعة الثقافية في سوريا، يبقى بلبل واثقًا من أن المسرح والدراما السورية قادران على العودة إلى قوتهما، بشرط أن تكون هناك إرادة حقيقية للنهوض بالقطاع الثقافي في سوريا.

يشكّل حضور نوار بلبل في الساحة الفنية اليوم امتدادًا لمسار طويل من الانشغال بقضايا المسرح السوري، ومحاولة البحث عن دور جديد للفن في بلد يعيش تحولات سياسية واجتماعية عميقة. وبين الحديث المتصاعد عن إمكانية تسلمه إدارة مديرية المسارح والموسيقا، وتأكيده رفع سقف الحرية الفنية، يجد بلبل نفسه أمام مسؤولية مضاعفة: إعادة بناء بنية مسرحية أنهكتها سنوات الحرب والرقابة، وفتح الباب أمام جيل جديد من المبدعين ليقدّموا رؤيتهم دون خوف.

مشاركة المقال: