الثلاثاء, 13 مايو 2025 02:35 AM

هل تستعيد أمريكا قرارها؟ تقارير عن فتور في العلاقات بين واشنطن وتل أبيب في عهد ترامب

هل تستعيد أمريكا قرارها؟ تقارير عن فتور في العلاقات بين واشنطن وتل أبيب في عهد ترامب

محمد خير الوادي يكتب: هذه الجملة ليست من عندي، وإنما قالتها صحيفة هآرتس الإسرائيلية، التي أفردت مقالة كاملة تتحدث فيها عن الشرخ الذي أصاب مؤخراً العلاقات بين واشنطن وتل أبيب في ظل ترامب.

اقتبس من المقالة جملة أخرى تقول: إن الولايات المتحدة – ولأول مرة منذ 250 عاماً – بدأت تستيقظ وتتصرف كدولة مستقلة لا "كجمهورية موز" (تابعة لإسرائيل). وأضيف من عندي: إنه أول مرة منذ سنوات طويلة، يأتي رئيس أمريكي إلى الشرق الأوسط، وقد استرد جزئياً مفتاح القرار الأمريكي من مكتب نتنياهو، ولا يضع غشاوة إسرائيلية على عينيه.

أعتقد أن سبب هذا التحول الأمريكي – الذي آمل أن يستمر – يكمن في أن الرئيس ترامب، صاحب الشخصية الطاغية، والمعتد كثيراً بنفسه، قد اكتشف أن نتنياهو صار يشاركه في الهيمنة على القرار الأمريكي، لا بل إن رئيس الحكومة الإسرائيلية قد تجرأ على التواطؤ مع بعض أركان الإدارة الأمريكية، لا سيما مع مستشار الأمن القومي، من أجل اتخاذ قرارات من وراء ظهر ترامب، تخالف التوجهات العامة للإدارة الأمريكية إزاء إيران.

إضافة إلى ذلك، أدرك ترامب أن نتنياهو يعد ولا يفي، ويكذب دائماً، ويلف ويدور للتهرب من التزامات أخذها على نفسه، وأنه يسير على نهج يخالف أحياناً سياسة ترامب. ومعروف أن سيد البيت الأبيض الحالي يمقت كل من ينافسه أو يتجاهله، ولا يطيق من يتآمر عليه، حتى لو كان هذا الشخص نتنياهو.

كما اكتشف ترامب جانباً آخر من تعامل رئيس الوزراء الإسرائيلي معه هو أن إغداق الهدايا على نتنياهو، والإفراط في تقديم الخدمات المجانية له، لم يجعلا رئيس الوزراء الإسرائيلي سلس القيادة لين العريكة أو أكثر اعتدالاً، أو مستعداً لتنفيذ كل ما يرغب به ترامب. والدليل على ذلك أن نتنياهو قد ازداد تطرفاً، وأسهم في هيمنة المتطرفين العنصريين على قرار الحكومة الإسرائيلية. وهذا يعرقل كثيراً نجاح السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.

وقد بدأت علامات انزعاج ترامب من صديقه القديم تطفو على السطح. فقد عزل الرئيس الأمريكي مستشاره للأمن القومي مايك والتز، الذي فتح أسرار البيت الأبيض أمام نتنياهو، وعمل خفية معه. كما سارعت إدارة ترامب إلى إبرام اتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين دون إعلام رئيس الحكومة الإسرائيلية، وألغى ترامب زيارة وزير الدفاع الأمريكي إلى إسرائيل، واستثنى تل أبيب من أول جولة خارجية يقوم بها في الشرق الأوسط.

والشيء المهم كذلك أن ترامب قد تجاهل الموقف الذي كان يصر عليه نتنياهو، وهو ربط التعاون النووي الأمريكي المزمع مع السعودية بشرط التطبيع مع إسرائيل. كما بدأ الرئيس الأمريكي محادثات مع إيران وفتح باب اتفاق سلمي معها، دون التنسيق مع إسرائيل، وهو أمر كان يعارضه نتنياهو بشدة.

وفي الوقت الذي يخوض رئيس الحكومة الإسرائيلي حرب إبادة مع حماس في قطاع غزة والضفة، أقدم البيت الأبيض على إجراء محادثات مع قادة حماس من وراء ظهر نتنياهو.

وأنا آمل أن يتحرر الرئيس ترامب كذلك من تأثير أحقاد نتنياهو على سورية، وأن يبادر الرئيس الأمريكي إلى إلغاء العقوبات ضدها وتقديم المساعدة لها. لا سيما أن الوقائع تفيد أن الضغط الإسرائيلي الكثيف على واشنطن هو الذي يعرقل إلغاء العقوبات الأمريكية ضد سورية، وهو – أي الضغط الإسرائيلي – يشوش الرؤية الأمريكية إزاء الاستقرار ويساعد في تأجيج الطائفية. وهي أمور تتعارض مع السياسة الرسمية المعلنة لإدارة ترامب، التي تقول بالحفاظ على وحدة سورية واستقرارها.

وستكون مفاجأة سعيدة حقاً لو تجاهل الرئيس الأمريكي مواقف نتنياهو هذه فيما يخص سورية، وأقدم على فتح صفحة جديدة من التعاون معها.

واختم مقالتي بالإعراب عن الأمل في أن يواصل الرئيس ترامب تخليص أمريكا من الهيمنة الإسرائيلية، التي وصلت إلى حد معيب وغير لائق بدولة عظمى. والدليل على ذلك ما ذكرته الصحيفة الإسرائيلية، من أن إسرائيل كانت تعامل البيت الأبيض على أنه فرع من مكتب رئيس وزرائها، وتتدخل في صياغة كل جملة في الوثائق التي تصدرها واشنطن بشأن إسرائيل.

مشاركة المقال: