دمشق-سانا: نظمت وزارة الصحة، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ندوة وطنية اليوم تحت شعار "تحرك الآن، من أجل حماية حاضرنا وتأمين مستقبلنا"، وذلك في فندق البوابات السبع، ضمن فعاليات الأسبوع العالمي لمقاومة مضادات الميكروبات لعام 2025.
تعزيز الجهود الوطنية
تهدف الندوة إلى تعزيز الجهود الوطنية لمواجهة مقاومة مضادات الميكروبات، التي باتت تشكل تهديداً متزايداً للصحة العامة عالمياً، وذلك من خلال تنسيق الاستراتيجيات بين القطاعات الصحية والزراعية والأكاديمية والإدارية، وجمع جميع المعنيين بمكافحة هذه المشكلة التي توصف عالمياً بأنها "وباء صامت".
واقع يعرض حياة الملايين للخطر
أكد وزير الصحة، مصعب العلي، في كلمته أن مقاومة المضادات الحيوية أصبحت واقعاً يهدد حياة الملايين، حيث تقل فعالية العلاجات وتزداد التكاليف وفترة التعافي. وأشار إلى أن التحرك الجماعي في سوريا أصبح ضرورة ملحة، نظراً لأن الاستخدام غير الرشيد للمضادات، سواء في القطاع الصحي أو البيطري أو الزراعي، يعجل بفقدان الأدوات العلاجية ويطيل فترة العلاج، مما يضع ضغوطاً على النظام الصحي والموارد الوطنية.
وأوضح الوزير العلي أن الوزارة تعمل على تعزيز الوعي، وترشيد وصف وصرف المضادات الحيوية، وتطوير برامج المراقبة الوبائية والبحث العلمي، بالإضافة إلى تعزيز إجراءات ضبط العدوى في المنشآت الصحية، بهدف حماية الإنسان وتحسين جودة الرعاية الصحية المقدمة له، مؤكداً على أهمية توحيد الجهود والعمل المشترك للوصول إلى مجتمع يتمتع بالصحة.
مقاومة مضادات الميكروبات مشكلة عابرة للحدود
من جانبه، أوضح مسؤول الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية في سوريا، الدكتور الرشيد إدريس، أن مقاومة مضادات الميكروبات تمثل مشكلة عالمية عابرة للحدود، وتشير التوقعات إلى ارتفاع عدد الوفيات بحلول عام 2050 إلى 39 مليون شخص. وأكد أن هذه المشكلة تهدد صحة الإنسان والحيوان والبيئة، وتؤثر على الأمن الصحي العالمي، لافتاً إلى أن إقليم الشرق الأوسط يعتبر من بين أكبر الأقاليم المستهلكة للمضادات الحيوية.
وأشار الدكتور إدريس إلى أهمية توعية المجتمعات بخطورة هذه المشكلة من خلال التعاون بين القطاعات، مع التركيز على دور العاملين في القطاع الصحي والثروة الحيوانية والزراعة باعتبارهم خط الدفاع الأول، بالإضافة إلى التعاون لوضع خطة وطنية وتوفير الدعم الفني والمالي، والتركيز على ضبط العدوى.
تشكيل لجنة وطنية لإجراء تقييم ميداني
أوضح مدير مديرية الأمراض السارية والمزمنة في وزارة الصحة، الدكتور ياسر فروح، أن ملف مقاومة مضادات الميكروبات متعدد القطاعات، مما يستدعي تشكيل لجنة وطنية لإجراء تقييم ميداني لضبط العدوى في 14 مشفى في سوريا، وتقييم للمخابر في عدد من المشافي، وتقييم مرحلي للاستخدام الرشيد للمضادات، وتسمية منسق وطني لبرنامج مقاومة الصادات.
أكثر من مليون وفاة سنوياً
أشار الدكتور فروح إلى أن مقاومة المضادات الحيوية تتسبب في أكثر من مليون وفاة سنوياً حول العالم، مما يتطلب تحركاً سريعاً لاتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من هذه الظاهرة، مبيناً أن العمل جارٍ ضمن مفهوم "الصحة الواحدة" الذي يشمل صحة الإنسان والحيوان والبيئة.
ترشيد الاستهلاك وتقييد الوصول
أكد مدير الصحة والإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة، الدكتور عبد الحي يوسف، التزام الوزارة بترشيد استهلاك المضادات الحيوية، والعمل على تقييد الوصول غير المصرح به إلى المواد الكيميائية والمضادات الحيوية مع وجود رقابة فعالة، ومنع المزارعين من الحصول على أي نوع من المضادات الحيوية وبأي كمية دون الرجوع إلى الأطباء البيطريين.
وأوضح الدكتور يوسف ضرورة إيجاد رقابة فعالة على بقايا المضادات الحيوية في المنتجات الغذائية ووضعها ضمن الإجراءات الروتينية للتقصي الوبائي أو المرضي، إضافة إلى إيجاد برنامج وطني لمتابعة مقاومة الصادات الحيوية في الإنسان والحيوان والبيئة.
استراتيجية وطنية للحد من تلوث البيئة
من جانبه، بين مدير المخابر في وزارة الإدارة المحلية، الدكتور أحمد الحلبي، أن الوزارة تعمل على تنفيذ استراتيجية وطنية شاملة للحد من تلوث البيئة بالمضادات الحيوية ومكافحة مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية (AMR)، وفي مقدمتها التشريع والرقابة من خلال وضع وإنفاذ قوانين صارمة للحد من تصريف المضادات الحيوية في البيئة، والرصد والمراقبة الذي يشمل إنشاء برامج وطنية لرصد مستويات التلوث الحيوي، مؤكداً أهمية التوعية البيئية التي تهدف إلى تثقيف المجتمع حول الطرق السليمة للتداول والتخلص من المضادات الحيوية، وكيف يمكن للمواطن أن يكون شريكًا فاعلاً في الحد من هذه الظاهرة.
شارك في الندوة ممثلون عن وزارات التعليم العالي والزراعة والإدارة المحلية ونقابتي أطباء وصيادلة سوريا وعدد من المديرين والمعنيين.
يذكر أن الأسبوع العالمي للتوعية بمقاومة مضادات الميكروبات يقام من الـ18 إلى الـ24 من تشرين الثاني من كل عام، بهدف تعزيز الوعي بخطورة مقاومة المضادات الحيوية، وتشجيع الاستخدام الرشيد لها ضمن منظومات الرعاية الصحية.